باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

حسين خوجلي يكتب: حين صاح برمة في وجه حمدوك ( أسكت يا مأفون نحن دافننوا سوا)

23
من الحكايات التي يتداولها أهل السودان في مجالس أنسهم وفيها الكثير من المغازي والمُثُل والتدابير والعِظات حكاية التوأمين البسطاء قليلي الحِيلة والفهم والتطلعات ، مات والدهما وقد ترك لهما حماراً يعيشون منه ومعه وفيه ، فقد صادقوه حتى صار ثالثهم منه ينالون الرزق ويستأنسون بقُربه وينفقون آخر الليل جزءاً مقدراً من وقتهم في نظافته والإهتمام به وقد أسماه أهل القرية تندراً ( أبو صالح جلاب المصالح) .
وفي إحدي المشاوير المعتادة لإيصال حمولة أغراض لقرية بعيدة إنهار الحمار في منتصف الطريق لوعورة المسالك وشدة العطش وقلة المؤونة وصعوبة الِحمل ،ظل التوأمان طول نهارهم يبكيان رفيق الدرب وزميل الكِفاح ، وبعد أن جفت الدموع واطمأنت النفس للفجيعة عاد إليهما رشدهما وإنسانيتهما التي أضاعتها المأساة ساعة من الزمان، حفرا له قبراً في تلك الصحراء وأقاما عليه عزاء كلما ما مرت بهم قافلة سألتهم عن صاحب القبر وسرِ حزنهم فيردون بصوت عامر (باللواجع والمواجع ) : إنه ( أبو صالح جلاب المصالح) فيعزوهما وينفقون عليهما حتى إزداد رزقهم وأصبحوا من المتعففين ثم من المكتفين، ودلتهم قلة الحيلة على حيلة فأقاموا (راكوبة قش) بجوار قبر الميت الصالح وبمرور الأيام ظنه أهل القرى المجاورة من أصحاب الكرامات و الصالحين والأقطاب وأصبحوا يتبركون به ليل نهار فنمت أحلام التوأمان فأقموا عليه (قبة) و إزداد رزقهم يوماً بعد يوم حتى أصبحوا من الأثرياء من نفقات النساء الآئي يطلبن المواليد والرجال الذين يطلبون الشِفاء ويخافون من العين والسحر الأسود، وأصبح التوأمان بين ليلة وضحها من الأثرياء و أسدلوا على أنفسهم وأسدل عليهم الناس لقب الصلاح وأعتبروهم من أصحاب الحضرة وحراس المحراب.
وفي إحدى الأيام إختلفا حول المال الذي تنامى وتراكم وفي مثل هذه الحالة يتداخل ويتدخل الشيطان فاستطال الخصام بينهم وتعالت الأصوات حول القسمة حتى كادا أن يقتتِلا، هنا قال إحدي التوأمين للاخر : والله لأشكونك إلى الرجل الصالح (أبو صالح) فيدمرك ببركته ويقودك إلى مهاوي الهلاك والخسران، قهقه الأخ المغضوب عليه حتى خر على ظهره ساخراً من وطأة الضحك والإنفعال وقال بلغة هامسة حتى لا يسمعه الزائرين الطالبين للشفاعة: ( إنت ما عارف يا فلان إننا دافننو سوا) فصارت مثلاً .
تذكرت هذه الحكاية عندما سألني أحد الإخوة الصحفيين عن الإختلاف ما بين مجموعة صمود المتنكريين للعهود ومجموعة تأسيس وكر الجواسيس فقلت له: إن الخلاف يا صديقي في المقدار لا في النوع فكلهم ينتمون للجبهة العلمانية الكافرة القائلة بعدم أحقية الإسلام وكتابه ورسوله وشريعته في الحكم والحاكمية وهي جبهة عريضة تضم في جوفها خونة بلادنا وغلاة الصليبيين والصهاينة والملاحدة والمرتزقة وأعداء الشعوب ، ألم تر أنهم قد توقفوا عن إنتقاد بعضهم ولو بالحد الأدنى لأن المتفق عليه هو في تقسيم الأدوار وكما تعلم ويعلمون أن الممول واحد وأن الشيطان واحد وأن السيد واحد وأن البرنامج التآمري واحد ضد المنظومة القيمية للشعب السوداني الصابر الصامد وبقية الشعوب العربية والإسلامية المبتلاة والمحكومة بالوكلاء ، وأصدقك القول بأن أي واحد من هؤلاء العملاء يتجرأ بالإفصاح عن الحقيقة ولو في جلسة خمر في ليلة حمراء سيتجرع كأس الحرمان من الرواتب والأتاوات والمال الحرام وهنا سيصيح أشقاهم قبل أن يبلغ حد النشوة والتلاشي وتوثقها المخابرات ( أسكت يافلان نحن دافننوا سوا)..!!!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: