باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

عطاف محمد مختار يكتب: العدوان على السودان.. جرائم محور الشر وتتار العصر

45

ما فعلته مليشيا الدعم السريع المتمردة في أهل السودان -ومازالت- من تقتيل وانتهاك الحُرمات وهتك الأعراض، لهو أكثر وحشيةً مما فعله التتار في الماضي البعيد، على يد السفاح جنكيز خان. فالسفاح حميدتي نازع جنكيز في الوحشية.. كلاهما لا يملكان ضميراً إنسانياً أو وازعاً أخلاقيّاً يردعهما عن الجرائم القبيحة في حق البشر، دوماً متعطشان لسفك الدماء، وحتى الأطفال لم يسلموا من اغتصاب قواتهم الفاسقة، منزوعة الرحمة من القلوب.

 

تحاول بخيتة، تهدئة طفلتها، التي لم تكمل عامها الأول، وتبكي بشدة، نتيجة مرض القلب الذي تعاني منه، وتبحث عن علاج لها، في معسكر للاجئين السودانيين بمنطقة أدري التشادية، يتبع للأمم المتحدة، حيث يعاني مئات الآلاف من النازحين السودانيين الفَـارِّين من بطش مليشيا الدعم السريع، من الحصول على الغذاء والدواء، فالمانحون لم يفوا بتعهداتهم، وقدموا فقط 29% من أموال المساعدات الدولية المطلوبة.

قبل أن تصل بخيتة صاحبة الـ21 ربيعاً؛ إلى أدري، عاشت مأساة إنسانية بمعنى الكلمة، إذ هاجمت الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها، قريتها الصغيرة، قبل طلوع الشمس، حرقت المنازل وقتلت الرجال والشباب والشيوخ، واغتصبت النساء والأطفال.

تقول بخيتة: “استيقظنا على أصوات الرصاص والصراخ، هاجمنا الجنجويد، بعضهم على ظهر الخيول وآخرون يقودون الدراجات النارية، وهم يصيحون (الليلة قيامتكم قامت يا عبيد، حنقتلكم كلكم)، وهم يطلقون النار على كل الرجال، وحتى الأبقار والأغنام”.

وتواصل بخيتة سرد مأساتها: “اقتحم منزلنا 5 من الجنجويد، وقتلوا أبي واثنين من أشقائي، بعد أن قاوموهم وهم يُـدافِعُـون عني وأمي وشقيقتي، تناوبوا على اغتصابي 3 منهم، والآخران اغتصبوا أمي وأختي، في حوش دارنا، والأبشع من ذلك أثناء اغتصابنا، صحي شقيقي الأصغر ذو الأربعة أعوام من النوم مفزوعاً يصرخ، فاغتصبوه كذلك ومن ثَـمّ أطلقوا النار على رأسه، وقال قاتله (مافي عب يستحق الحياة، أنتم مجرد كلاب).. الجنجويد ليسوا بشر”.

بعد رحلة نزوح استمرت 5 أيّـام، نجحت بخيتة وأمها وشقيقتها من الوصول إلى أدري، متحطمات نفسياً وبدنياً، يسيطر عليهن الحزن الذي يعصر قلوبهن، بمقتل الوالد والإخوان والأبناء. وعقب 3 أشهر اكتشفت بخيتة أنها حامل، جراء الاغتصاب الذي تعرضت له، ووضعت طفلتها عبر عملية قيصرية، في المخيم الطبي، حيث ولدت طفلتها بثقب في القلب. وتحكي بخيتة عن أحلامها الوردية – التي حرقها الجنجويد مع أهلها – إذ كانت تستعد، بعد شهر، لإتمام مراسم زواجها من ابن عمها، إلا انه لقي حتفه في المحرقة، والآن صارت نازحة تحمل في يدها رضيعة لا تعرف حتى من أبوها، تبحث لها عن دواء، لكنها تردد كثيراً بصبر ويقين “الله في”.

 

حال هذه الأسرة هو حال آلاف الأسر السودانية التي تعرّضت بناتها للاغتصاب ورجالها للقتل الوحشي والإبادة الجماعية وجرائم حرب السودان المنسية من العالم الذي يفرج ويتواطأ بالصمت الخجول أمام محور الشر الذي يدعم مليشيا الدعم السريع.

بالأمس، حذّرت مديرة برامج الطوارئ في منظمة اليونيسف لوشيا إلمي، من أنّ السودان يخاطر بفقدان جيل كامل من الأطفال، مشيرةً إلى أنّ أطفال السودان محاصرون في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ويعصف بهم الصراع والنزوح والجوع.

وأوضحت أن أكثر من 16 مليون طفل في السودان بحاجة ماسّة إلى المساعدة، ونحو 17 مليون طفل خارج المدرسة منذ عامين. وتواجه الفتيات مخاطر جسيمة، بما فيها العنف الجنسي والإتجار والزواج القسري. وأكثر من 12 مليون شخص معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وأضافت أن الأطفال يقتلون ويُشوّهون ويُهجّرون، مع الإبلاغ عن انتهاكات جسيمة يومياً، أما الخسائر النفسية فهي مدمرة، فقد ترك الصراع والفقدان والنزوح، الأطفال يعانون من القلق والاكتئاب والصدمات.

كما أنه من المتوقع أن يعاني 3.2 مليون طفل سوداني دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، بمن فيهم 770 ألفاً يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أشد أشكال الجوع فتكاً، مما يجعل الأطفال أكثر عرضةً للوفاة من المرض بمقدار 11 مرة.

 

حرب السودان المنسية عمداً، بسبب المخطط الصهيوني الضخم لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير، الذي ينفذه وكلاء إسرائيل في المنطقة، لتمويل الدعم السريع وحلفائه السياسيين في السودان، أغدق مليارات الدولارات من أجل أن تسيطر المليشيا على السودان، وتحكمه بالحديد والنار، واشترت عواصم دول جوار السودان – ما عدا مصر وإريتريا – وفشلت في ذلك بسبب صلابة الجيش السوداني ومن خلفه شعبه الذي نَظّـمَ صفوفه في المقاومة الشعبية، وبات الآن يلحق الهزائم المتتالية والمستمرة على المليشيا حتى اليوم.

الآن انتقل محور الشر الصهيوني، إلى مربع جديد، وهو تقسيم البلاد عبر مشروع تشكيل حكومة مُـوازية، حِيكت مُؤامرتها في نيروبي، التي جمعت صعاليك الساسة المُتبطِّلين وبعض سواقط الأسافير لكتابة دستور جديد هدفه فصل دارفور – عجبي – وهو مشروعٌ سيقبره الشعب السوداني وجيشه، بدحر المليشيا وتطهير كل شبر في أرضه من دنسها ورجسها الشيطاني.

 

سيكتب التاريخ العار على كل من تواطأ في هذا العدوان الإقليمي على السودان، الذي يُـواجِـه كل هذا الطغيان بالصبر والمصابرة والمرابطة والثبات.

قدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.

سنة الله في خلقه.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: