باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

“صمود”.. تحالف جديد ينشئ بتبعات التشتت السياسي، والبرهان يصرح لا مكان لعملاء الخارج بيننا بعد اليوم

91

الخرطوم: باج نيوز

أصبح السودان، بفضل موقعه الاستراتيجي وموارده الطبيعية الوفيرة، هدفًا للعديد من القوى العالمية التي تسعى لتوسيع نفوذها في هذا البلد العظيم. التدخلات السياسية والاقتصادية والإنسانية لا تزال مستمرة، مما يجعل السودان نقطة جذب للعديد من الدول.
في خضم هذا التنافس، يشير متخصصون إلى أن الأزمة الدموية التي يمر بها السودان في الوقت الراهن تُعزى جزئيًا إلى التدخلات الخارجية، التي تتعاون مع بعض الأطراف الداخلية لتحقيق أهدافها، من منظور سياسي، تعتبر بعض الدول أن من أبرز استراتيجياتها “غير العسكرية” لتعزيز نفوذها في الدول الأخرى هي دعم شخصيات أو حركات سياسية وصولًا إلى مناصب السلطة، هذا الدعم غالبًا ما يكون له تأثير بعيد المدى في توجيه السياسات المحلية بما يخدم أهداف تلك الدول.
في هذا السياق، تبرز حركة “تقدم” التي أسسها عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السابق للحكومة الانتقالية، كحالة مثيرة للجدل، ومع التغيرات الأخيرة على الساحة السياسية، أصبح تاريخ حمدوك وحياته السياسية محاطًا بالأسئلة والإشكاليات التي تتطلب بحثًا معمقًا لفهم أبعاد تأثيرها على مستقبل السودان.

إنقسامات “تقدم”، وتكوين حلف جديد “صمود”
في أكتوبر من العام ما قبل الماضي، تأسست مجموعة “تقدم” للقوى الديمقراطية المدنية في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، برئاسة عبد الله حمدوك.
كما شملت هذه المجموعة عدد من الأحزاب السياسية، والحركات المسلحة، والنقابات، والمجتمعات المحلية، التي اتفقت جميعها على رفض الحرب ودعت إلى ضرورة التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من أجل الوصول إلى اتفاق يحمي المدنيين ويوقف القتال، ويؤدي إلى تسوية سياسية.
لكن بعض الأعضاء في هذه المجموعة أبدوا ميولاً واضحة نحو دعم قوات الدعم السريع، مما أثار علامات استفهام حول وجود تحالف غير معلن من البداية، كما تم اقتراح إنشاء حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات، مما تعارض مع الأهداف المعلنة للتجمع.
ومع تصاعد الخلافات في داخل المجموعة، عُقد اجتماع للهيئة القيادية يوم الاثنين الماضي، برئاسة حمدوك، لمناقشة شرعية التحالف والموقف من رغبة بعض الأعضاء في تأسيس حكومة موازية للحكومة المركزية في بورتسودان.
وبعد انتهاء الاجتماع، أفادت المجموعة بأنها وافقت على تقرير أعدته الهيئة السياسية، والذي أظهر وجود رؤى متباينة حول فكرة تشكيل الحكومة الموازية. ورأى الأعضاء أن أفضل حل هو فصل المجموعات المتباينة للعمل بشكل مستقل كل تحت اسم جديد، مما يسمح لكل جانب باتباع رؤيته الخاصة حول تطورات النزاع.
وعلى إثر ذلك، في 11 فبراير الماضي، أعلنت قوى سياسية وشخصيات سودانية عن تشكيل التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” برئاسة عبد الله حمدوك، بعد ما قررت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” حل نفسها.

مصالح القوى الأجنبية في السودان
في السياق ذاته، نقلا عن صحيفة “السوداني”، بحسب الباحث في الشأن السوداني إبراهيم نور الدين فإن تحالف “صمود” تم تشكيله برعاية وإشراف مباشر من الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، ليكون بديل سياسي مقبول لـ “تقدم” في المستقبل السياسي السوداني. وأضاف نور الدين بأن لذلك عدة أسباب، أهمها، التهم الكثيرة التي لاحقت تنسيقية “تقدم” في الأشهر الماضية وانتشرت عبر وسائل الإعلام بتأييدها لقوات “الدعم السريع” والتحالف معها سراً، برعاية وإشراف إماراتي-فرنسي، مما يجعل مستقبلها السياسي مهدد بالخطر، وأيضاً بسبب الخسائر المتتالية التي تلقتها قوات “الدعم السريع” المدعومة من الإمارات والقوى الغربية، في الأيام الماضية خلال المواجهات مع قوات الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.
وبحسب الخبير نفسه، فإن ما يثبت ذلك هو رغبة بعض القوى السياسية في “تقدم” بتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة “الدعم السريع” والذي يشير بوضوح إلى أن هناك قسم كبير من قوى ومكونات “تقدم” تدعم وتؤيد بشكل مباشر قوات “حميدتي” وتسعى لنزع الشرعية عن حكومة بورتسودان، وهذا ما يعزز الانقسام ويصعب الحل.
وتابع نور الدين، بأن المعطيات السياسية والعسكرية الأخيرة وسط تراجع كبير لقوات “الدعم السريع”، واتجاه الأمور نحو خسارتها للحرب بالتوازي مع التهم التي تلاحقها بارتكاب انتهاكات ضد الإنسانية، دفع بفرنسا والإمارات لإعطاء الأمر لحمدوك بالانشقاق عن “تقدم” وتشكيل تحالف جديد، في خطوة أشبه بالخيانة للقوى التي دعمته ووقفت بجانبه عند تشكيل تنسيقية “تقدم”.
وختم نور الدين بأن تصرف حمدوك والقوى المؤيدة له، يدل على تبعيتهم لأجندات غربية، وتبنيهم لمصالح قوى أجنبية وليس وطنية، وهذا يهدد بشكل واضح استقرار البلاد ويقضي على كل أمل بالوصول إلى حل سياسي وطني يحقق طموحات الشعب السوداني.

البرهان.. لا مكان لعملاء الخارج بيننا بعد اليوم
قلل رئيس مجلس السيادة السوداني، القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، الإثنين، 16 من فبراير هذا العام، من خطوة تشكيل حكومة موازية، مشيراً إلى أن الجهات التي تسعى إلى تشكيلها مرفوضة من قبل الشعب السوداني، والجيش عازم على استمرار العمليات العسكرية حتى القضاء على “الدعم السريع”.
وقال البرهان الذي كان يخاطب مؤتمرا تعليميا خاصا في إقليم دارفور، إن الشعب السوداني لن يقبل أن تفرض عليه حكومة من الخارج، وإن السودانيين متوحدون ومتماسكون ويقاتلون سوياً في كل الجبهات من أجل الحفاظ على وحدة السودان وشعبه ومقدراته.
وأضاف: “نحن مصممون وسنمضي في الطريق الذي ارتضيناه مع الشعب السوداني”.
وشدد على أنه لا مكان لعودة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، مرة أخرى وقطع بعدم وجود أي اتصالات مع قوى “الحرية والتغيير” مبيناً أن كل ما يثار بهذا الخصوص شائعات وكذب، وأنهم يتواصلون فقط مع المقاتلين في الميدان.
وتابع: “من يريد أن يحكم السودان عليه أولاً الحضور لأرض الوطن والقتال مع الشعب السوداني لدحر التمرد” وأردف: “لا مكان لعملاء الخارج بيننا بعد اليوم”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: