باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

محمد أحمد الفيلابي يكتب: حرب الالتحام بالأوبئة في السودان

60

لحقت أضرار جسيمة بكل مواطن سوداني، وبالنظام البيئي بكامله من جراء الحرب الدائرة في السودان منذ 15 إبريل/نيسان 2023. ويضرب التلوث البيئي العاصمة السودانية ونحو 13 ولاية واقعة تحت القصف والعمليات العسكرية، في ظل تراجع الخدمات الصحية تبعاً للدمار الذي أحدثته الحرب في البنى التحتية، الأمر الذي كان ينذر بانتشار الوبائيات، والتي بدأت بانتشار حمى الضنك، والكوليرا في أنحاء عديدة خاصة شرق السودان، وتتزايد المخاوف بسبب ارتفاع عدد الإصابات وسط النازحين، دون مقدرة على مواجهة الوباء، إن كانت على مستوى توفير العلاج أو الوقاية ومحاصرة الوباء من خلال الرصد والحجر، وتوفير المعلومات الكافية والموثوق بها منعاً للضغط للمزيد من الانتشار.
بدأ الأمر بانتشار وباء ملتحمة العين الحادة في ظل تكتم حكومي، وانشغال منابر الإعلام الرسمية والشعبية بمتابعة أخبار الحرب، وتلكؤ الأطراف في إحلال السلام ليتفرغ الجميع للبناء بعد 16 شهراً، في حينه، من الاقتتال. وقد رصدت غرف الطوارئ في محلية شرق النيل بولاية الخرطوم، وبالولاية الشمالية نحو 450 حالة إصابة بالوباء، لم يتمكن أغلبها من مقابلة الأطباء. حدث ذلك بفعل الأمطار والفيضانات الكبيرة التي وصلت إلى مناطق كانت بعيدة عن مثل هذه الكوارث.

 

تقول الدوائر الطبية إن وباء ملتحمة العين الحادة، من الأمراض البيئية التي تنتشر عادة في البلدان التي تعاني النزاعات المسلحة، والتي تصل فيها البيئة إلى درجة كبيرة من التلوث، بسبب مخلفات الحرب، وانتشار الذباب، وضعف الاهتمام الحكومي بصحة البيئة.
ملتحمة العين الحادة مرض فيروسي سريع العدوى، ينتشر من خلال ملامسة المصاب للأسطح وعبر المصافحة، ويزداد انتشاره مع عدم قدرة الناس على التباعد الاجتماعي، كما أن الوباء مقاوم للمضادات الحيوية التقليدية، ما يعني أن المصابين سيواجهون مشكلة البروتوكولات العلاجية المناسبة. ويتهددهم فقدان البصر الكامل، خاصة المسنين الذين أجروا عمليات جراحية للعيون في المخيمات الميدانية.
ومع تزايد الحالات في شمال السودان، أسس متطوعون في غرف الطوارئ بالمدن وحدات لتلقي البلاغات من المصابين، كما انتشرت قصاصات تدعو إلى اتخاذ التدابير اللازمة مثل التباعد الاجتماعي وغسل اليدين بالمنظفات عند مصافحة الأشخاص. بيد أن هذه المجهودات من غرف الطوارئ والمنظمات الإنسانية تصطدم بتقييد العمل، إذ إن عليها الحصول على تصاريح عمل من السلطات الأمنية، التي تهدد حركة هؤلاء الناشطين، في ظل نهج التكتم على الوباء. وأضيف إلى هذه المصاعب توقف التمويل القادم من المعونة الأميركية في الآونة الأخيرة.
والآن يزيد الحديث بعد قرابة العامين من الحرب عن أمراض الكوليرا وحمى الضنك، وكل أمراض تلوث المياه، بل حتى أمراض الملاريا والحمّيات التي يتسبب فيها التدهور الكبير في صحة البيئة، وعدم قدرة الإدارات المحلية على أداء دورها في ظل الوضع الأمني المتردي.
فهل يحل السلام في السودان، ويلتفت المسؤولون إلى مبادرات محو الآثار البيئية للحرب؟

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: