باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

عثمان ميرغني يكتب: خيارات البرهان

51
لا يزال أمام الرئيس البرهان خيار أن يخلده التاريخ السوداني، ويكتب في سجله أنه كان نقطة تحول لوطنه وشعبه. ليتني كنت أستطيع أن أقدم له هذا النصح مباشرة بلا حواجز الكتابة خلف الكيبورد.
قدر الشعب السوداني أن يكابد نيران هذه الحرب التي كُتبت عليه وهي كره له.. ووطأ الجيش السوداني على جمرتها بكل تجرد، وأنعم الله عليه بالنصر المبين (وما النصر إلا من عند الله). وقريبًا جدًا، بإذن الله، تضع الحرب أوزارها، ويعود السودانيون إلى ديارهم في قراهم ومدنهم، وتصبح من الذكريات الأليمة التي تنتهي إلى دروس في الكتب يطالعها الأجيال القادمة.
المحك هو أن ينشأ وطن جديد، تمامًا كما نشأت في أوطان عانت من الويل ذاته: ألمانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، فيتنام، وحتى في جوارنا القريب رواندا مثالًا.
بالإمكان أن نصنع وطنًا يحول المحنة إلى منحة والنقمة إلى نعمة، وطن يفتخر به السودانيون عبر الزمان. لكن صناعة مثل هذا الوطن تتطلب التضحية ذاتها التي قدمها الشهداء الأبرار الذين اشتروا كرامة شعبهم بحياتهم.
شباب لا ينقصهم من جاه الدنيا، وبعضهم كان في الخارج ترك عمله ولبى نداء “نحن جند الله.. جند الوطن.. إن دعا داعي الفداء لم نخن.. نتحدى الموت عند المحن”.
مثلما هم ضحوا، البرهان في حاجة اليوم أن يضحي أيضًا. كيف؟
أن يجعل لرئاسته للبلاد ميقاتًا معلومًا أمام الجميع، بلا مواربة أو وعود. فهذا هو العهد الذي بموجبه تسلم السلطة، وهو نفسه ظل يكرر أنه لن يسلم السلطة إلا لرئيس منتخب.
لكن طول الأمد – وقد مضت ست سنوات والسودان في مرحلة انتقالية – يحتم أن تبدأ إجراءات لا وعودًا. تستجيب للتغيير الذي ينتظره شعب السودان. هذه الإجراءات لا يجب أن تعطلها الأوضاع الراهنة، فهي موازية لمسار العمل العسكري الحتمي الذي يحقق النصر بإذن الله.
أن يدعو الرئيس البرهان إلى مؤتمر لا يستثني أحدًا، فردًا أو حزبًا، ممن لهم كسب في القطاع السياسي أو العمل العام، ليس ليتحاوروا ثم يدبجوا بيانًا في آخر المطاف مثل مئات المؤتمرات، بل فقط ليكونوا المجلس التشريعي الأول الذي يبتدر مرحلة جديدة من منصة التشريع وتكوين الهياكل والرقابة عليها.
يختار المجلس رئيسًا للوزراء يتولى تكليف وزراء يعتمدهم البرلمان. من الممكن استيعاب تجارب الماضي بتأسيس علاقة دستورية بين القوات المسلحة والحكم، هي ذات ما اقترحه البرهان في خطابه الشهير يوم 4 يوليو 2020، حينما دعا لتكوين المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحراسة الدستور وكبح نزوات التفلت التي تحاول قلب المائدة على الجميع كما حدث كثيرًا في تاريخ السودان المحتشد بالانقلابات والانقلابات المضادة.
وتشكيل مجلس الأمن القومي صلة الوصل بين القوات والأجهزة النظامية والسلطة الحاكمة. لا داعي لفترة انتقالية، وما أنكب بلادنا إلا كثرة الانتقاليات التي بدأت منذ ما قبل الاستقلال.
ستكون حكومة بميقات معلوم، عامان لا تتجاوزها، ثم تنجب الانتخابات مجلسًا تكميليًا، وحكومة جديدة أخرى، وتستمر مراحل التطور – لا الانتقال.
من الحكمة أن يخرج البرهان من الحكم بأوسع الأبواب التي يرتضيها الشعب، ويترك وراءه وطنًا مستقرًا ينعم بالأمل الكبير في النهضة والازدهار.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: