باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

عثمان ميرغني يكتب: 2025.. عام فيه يغاث الناس..

91

ذهب عام 24 بخيره وشره وأطل علينا عام 25 ببشرياته ليكون عاما فيه يغاث الناس وفيه يعصرون..

مسك ختام العام كان أمس حيث تشرفنا بالمشاركة في لقاء صحفي مع الدكتور جبريل ابراهيم وزير المالية.. واحد من القليلين الذين يمكن وصفهم بعبارة “رجل دولة”.. تحدث طويلا عن الأوضاع و السياسيات الاقتصادية وقليلا عن الأوضاع العسكرية والسياسية.
خلاصة ما قاله متوفر في صفحات الأخبار بصحيفة “التيار” .. لكني هنا اخترت التعليق على موضوع قد يبدو صغيرا وهو في تقديري كبير و مؤدي لتكبيل قدرة بلادنا على الانطلاق.

في سياق حديثه معلقا على موضوع اعادة اعمار البلاد و ما يطرح من أفكار قال جبريل.. أن أولويات الحرب تجعل لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. الدولة مشغولة تماما بادارة المعركة العسكرية من ناحية و بتوفير احتياجات المواطن من ناحية أخرى.. ولا سبيل للحديث عن التنمية أو مشاريع ما بعد الحـ؛رب.

هذا المفهوم – للأسف- سائد دائما في قيادة الدولة حتى في عهود سابقة.. افتراض أن البلاد يحكمها عقل واحد إذا انشغل بأمر له أولوية يجب على البلاد أن تحبس أنفاسها و تصوم عن التفكير لحين الانتهاء من الأولويات.. كما هو الحال الآن مع هذه الحـ؛رب.

الوزير جبريل نفسه احتفى قبل يومين بزواج ابنه الدكتور محمد..وهذا أمر حميد.. في خضم المعركة يجب أن تستمر الحياة الطبيعية.. بل جزء من المعركة أن تستمر الحياة على طبيعتها.. فإذا كان الوزير -الأب- له ارتباطات تنفيذية وسياسية في أهم وزارة للدولة.. و ارتباطات عسكرية كونه رئيسا لحركة العدل والمساواة التي تشارك بفعالية مع شركائها في القوات المشتركة.. فإن ذلك لم يمنعه من ترك الحياة الأسرية تسير في خطها الموازي .. هذا ما يجب أن يكون الحال عليه في الدولة أيضا.

مهما كانت المعركة.. وانشغالات القيادة العسكرية بها.. فإن الدولة لا يجب أن تكتم أنفاسها وتوقف نشاطها في التنمية والنهضة والنظر للمستقبل.
آلاف الخبراء والعلماء من السودانيين داخل وخارج البلاد هم لا يشاركون في المعركة بأجسادهم.. و لكن لديهم ما يكفي من العقل والفكر والتفكير ليعملوا في خط مواز للمعركة من أجل بناء المستقبل لبلادنا.. لماذا نجردهم من عقلهم وخبراتهم ونطلب منهم أن يجمدوا تفكيرهم لحين الخروج من نفق الحـ؛رب؟

من الحكمة أن تستمر كل قطاعات الدولة في أعلى مناسيب عملها.. حتى الفنون والآداب تماما مثلما تفعل الرياضة التي رفعت اسم السودان عاليا في أصعب ظرف.. على مستوى الأندية والمنتخب.
ماالذي يمنع خبراء الاستراتيجية أن يعملوا همتهم لانجاز خطة استراتيجية لتكون برنامج الدولة حتى 2030 مثلا.. وما الذي يمنع خبراء الادارة أن ينظموا ورش العمل والمؤتمرات للوصول إلى أفضل صيغة لادارة البلاد بين نظامي الاقاليم والولايات أو نظام هجين يجمع بينهما أو نظام يتجاوزهما تماما أيا كان..

ما الذي يمنع خبراء الصحة أن يستحدثوا أفضل نظام صحي لبلادنا يحقق أفضل رعاية وخدمات طبية للمواطنيين ويتطلع لجذب السياحة الطبية من افريقيا.
من الحكمة أن نطور مفهوم الدولة حتى لا تحصر نفسها في الجهاز الوزاري وحده.. فهي جسم متكامل كبير قابل أن يستمر في كل نشاطاته الحيوية بصورة طبيعية مهما كانت الملمات المحدقة خطيرة.

#حديث_المدينة الأربعاء1 يناير 2025

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: