أحمد يوسف التاي يكتب: أأنتم تُقسِمون رحمة الله
سيول من النقد غير الموضوعي تعرض لها مقال الأمس الذي جاء تحت عنوان (مبادرة السيدة عائشة)، وذلك عبر وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة، ولم يكتف الناقدون بالهجوم على الكاتب وحسب، ولم يلتزموا حدود النقد الموضوعي الذي يحترم الرأي الآخر، بل تعرضوا لصاحبة المبادرة بالسخرية والتقليل من شأنها ومن شأن مبادرتها التي تدعو لوقف الحرب ودعم التحول الديمقراطي، وتشكيل حكومة طواريء لتسيير دولاب الدولة..بل جنح البعض إلى التجريح، وإطلاق الإتهامات في مواجهة صاحبة المبادرة..
(2)
أعجب ما في سيول النقد والهجوم على الأستاذة عائشة موسى، أن طائفة من كتاب اليسار بزعامة الزميل الدكتور زهير السراج خرجوا من حدود اللباقة بالنيل من صاحبة المبادرة، واتهامها بالعمل لصالح الكيزان والبرهان والسعي لإضفاء شرعية لإنقلاب 25 اكتوبر 2021، وهم بذلك ينافسون كتاب اليمين في السب والتجريح والإساءة لصاحبة المبادرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، قد نفهم سبب رفْض منسوبي المؤتمر الوطني للمبادرة بإعتبار أنها ضد رغبتهم في استمرار الحرب، لكن كيف نفهم معارضة دعاة وقف الحرب لمبادرة وقف الحرب..
(3)
لم يعد خافيا أن بعض قبائل اليسار عموما والشيوعيون خصوصا، يعارضون المبادرة رغم أنهم يطالبون بوقف الحرب ودعم التحول الديمقراطي، وذلك بحجة أنها تعطي البرهان الحق في تشكيل حكومة الطواريء وفي ذلك اعتراف بإنقلابه برأيهم، وأظن لو أن هذه المبادرة لم تأت من شخصية محسوبة على اليسار، لما اعترضوا عليها أصلا، لأن الآخرين ليسوا ملزمين بالتقييد بمواقف اليسار، ولايقدح ذلك في موقف اليسار من الإنقلاب….أنظروا إلى هؤلاء القوم كم يعقدون المواقف والقضايا..فلتقف الحرب أولا ثم ليُحاسب البرهان على جريرة الإنقلاب، وليحاسب حميدتي على إجتياح الخرطوم وتدميرها، فما الذي يمنع ذلك فهو أمر متاح وإن جاء بعد حين، وإلا لماذا اعترفتم ضمنيا بإنقلاب البشير، وتفاوضتم معه وشاركتوه في الجهاز التنفيذي، والبرلمان، ثم حاكمتوه في إنقلاب 89،فالآن الوقت لإيقاف الحرب، ثم تأتي المحاسبة على كل جريمة في وقتها المناسب..هذا هو المنطق العقلاني الموضوعي..
(4)
أما منسوبي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية فقد كانوا الأكثر اعتراضا وسخرية وإساءات شخصية لصاحبة المبادرة، ولاغرو في ذلك فهم ملوك السخرية والإساءات والتجريح من شاكلة العجوز الشمطاء ونحوها..فقد استدعوا لها تغافلها مذكرة احمد هارون في كوبر، وإفراجها للمسجونين، وعداءها للإسلاميين وألّفوا قصصا للضحك والتسلية، وعلى هذه الخلفية الباهتة قرروا أنها ليست مؤهلة لقيادة مبادرة وقف الحرب، ولا دعم التحول الديمقراطي ولهذا لم يستبشروا بها خيرا على أساس قائم على الإنطباع المسبق، ونسوا أن الحكمة ضالة المؤمن أخذها أنى وجدها، وهل من حكمة أكثر من الدعوة لوقف الحرب وسفك الدماء وترسيخ السلم والسلام..
ما ذكروه من تعليقات وانطباعات لاتبرر الهجوم عليها على هذا النحو لإمرأة تحبو على الثمانين ، ولاتمنع مساعيها لوقف الحرب ودعم التحول الديمقراطي، وتشكيل حكومة طواريء، فلعل الله أراد بها خيرا لتختم به حياتها،فإذا نجح هذا المسعى الكبير فإنها ستكون نالت خيري الدنيا والآخرة، ولعل الله قسم لها هذا الفوز الكبير ليكون خاتمة سعادة لها فالله رحيم بخلقه ولطيف عليهم، من يدري إرادة الله في خلقه ، (أأنتم تقسمون رحمة الله)..
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق إنه يراك في كل حين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.