مدني عباس يكتب: مائة يوم من اندلاع الحرب
مائة يوم من إندلاع الحرب ،ومن أوقفوا نارها كانوا يأملون بحرب خاطفة تستمر لساعات أو في أقصاها ثلاثة أيام وتنتهي المعركة بانتصارهم ، عناصر الإسلاميين ظلت تعلن عن الحرب قبل وقوعها وتهدد في القوى السياسية بأن يوم حسمهم قد دنا ، الدعم السريع ادخل الي الخرطوم وحدها ما يقارب الستين الف من قواته في سعيه لكسب لمعركة الخرطوم ، كانت لهم جميعاً تكتيكاتهم الخاطئة والتي لم تراعي حياة الناس أو ممتلكاتهم ، هذه حرب فلتت من قادتها ولم يجدوا سبيلاً سوي نفخ نارها بعد أن أفلتت خطط سيطرتهم المتوقعة .
لم اجد حربا يبذل فيه الحق لتبرير الباطل كما هو سائد في هذه الحرب ، فقضية صحيحة مثل اصلاح الجيش وتوحيده يتم افسادها بتبنيها كذباً من الذين اضعفوا الجيش ومكنوا المليشيات ، وقضية عادلة مثل الديمقراطية يتم تبنيها من الجهة التي ظلت تضعف في مسار الانتقال الديموقراطي عبر دورها الكبير في فص الاعتصام وفي انقلاب ٢٥ اكتوبر ، في هذه الحرب يدعي الطرفان الجهاد وترتفع الاصوات بالتكبير في محرقة الخرطوم وهم يسيرون في مضارب الشيطان .
إن إيقاف هذه الحرب مرتبط بمعالجة أسبابها وبالعودة الي مسار ثورة ديسمبر المجيدة ، وهو هدف لن يحدث إلا باستعادة روح ديسمبر وتوحد قواها الحيه ، اي مسار للحل يتم عبر التالي :
١. حكومة انتقالية مدنية متوافق عليها تقوي الي انتخابات نزيهة ، وتكون له كامل الصلاحيات. في بداية مسار اصلاح أجهزة الدولة المختلفة ، بما فيها المؤسسة العسكرية .
٢. الجيش المحترف الموحد عبر مسار مهني يتضمن الدمج والتسريح للقوات العسكرية الاخري ، وفق مراعاة الضوابط الفنية للانضمام للقوات المسلحة وخضوغ القوات المدمجة لمدة تدريب كافية تعيد تأهيلها كقوات مسلحة وطنية .كما يقتضي الإصلاح بالضرورة تصفية تنظيم الحركة الإسلامية بالجيش .
٣. مشروع للتعافي الاجتماعي يتضمن إقرار قواعد للعدالة والمحاسبية وفق نموذج سوداني للعدالة الانتقالية ، لا يغفل أخطأ الماضي ولا يجعلها تقف حجر عثرة أمام مستقبل البلاد .
٤. أهمية الإصلاح الحزبي وإصلاح المجتمع المدني ، فمسار الحروب لا يتمدد إلا في وجود خلل في الفضاء المدني والسياسي .
هذه الحرب قد تكون مسار تحول لنهضة وتطور وتنمية فقط إذا ارتبطت بالوعي بها ومعالجة أسبابها الجذرية لا الوقف عند تمظهراتها .
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.