محمد محمد خير يكتب: سياسي لا يلبس الجلابية
*هو رجل كبير القلب وسوداني بكل ما تعنيه هذه الجنسية التي تقوم أركانها على النخوة والشكيمة والمحبة والاتساع والعادات الحصرية على هذه الجنسية.
*عاصرته زمناً ليس بالقصير في القاهرة فقد جمعنا ذلك التيه الذي أفضى بنا للسراب اللامع من الشمال الأمريكي، قذفني ذلك التيه لكندا و)جدعه( لأمريكا ولكن التواصل ظل قائماً عن طريق التكنولوجيا مرة وعن طريق الهاتف الجوال في معظم الأحيان.
*كان من أكثر المنادين بإسقاط النظام لكنه الآن من أبرز الأصوات المنادية بالحوار ويرجع ذلك لفطنة استفادها من تجاربه العريضة الممتدة منذ الجبهة الوطنية فالرجل من مدرسة الشريف حسين ذات القوة الثلاثية في التحليل.
*له أيطلا ظبي وساقا نعامة في امتداداته للقوى الأخرى من غير حزبه، فتجد ظلاله في حزب الأمة ومشتركاته في الاتحادي المسجل ويحمد له الشيوعيون ثورية كان يشجوها في القاهرة حين كان ينادي بأعلى الصوت بأن التجمع الوطني قادم من بوابة أسمرا.
*التقينا قبل أيام عن طريق الصدفة فملأنا الشارع عناقاً ونقل الهواء أشواقنا واتفقنا على موعد، ولأن الأسئلة كانت كثيرة والوقائع متعددة والخفايا أكثر من العلن رجوته أن يقضي هذه الليلة معي ويذهب في الصباح، وقد قَوَّى هذا الاقتراح هطول الأمطار خلسة فاستجاب.
*في مثل هذه الحالات تكون )الجلابية (قبل السرير، فتحت الدولاب وعطرت واحدة من) الجلاليب المكوية (وقدمتها له ليتهدل جسده المنهك بالمعارك السياسية الخاسرة في الجلباب حتى تتسع الخيارات.
*فاجأني ضيفي بأنه لا يلبس (الجلابية) إطلاقاً وزاد من دهشتي أنه كان ينتمي لحزب عروبي للجلابية مركزيتها في أدبياته، وقبل أن تتبدد دهشتي روى لي قصة تتعلق بالجلابية فقد سافر ذات مرة مع رئيس الحزب لدولة عربية نفطية شقيقة وعند مقابلة الأمير تزيا بالجلباب والعمامة والعباية والمركوب وحمل معه عصا، وضيفي طويل وباذخ وله جسد رياضي ممشوق وذقن دائري في شكل هلال ومشبك، وهو بهذه الهيئة مثير لفضول الكاميرات فركز المصورون عليه أكثر من رئيس الحزب الأمر الذي استدعى اللجنة القيادية العليا لعقد اجتماع طارئ بعد الثانية صباحاً لمناقشة تداعيات سرقة الضوء من رئيس الحزب عن طريق (الجلابية)، في الساعة الثالثة صباحاً استدعاه رئيس الحزب وفهّمه أنه خرق
*البروتوكول؛ فرئيس الحزب حين يرتدي الجلابية يجب أن يرتدي مرافقوه البدلة الإفرنجية الكاملة تجنباً للازدواجية وهذا ألف باء بروتوكول احترام رئيس الحزب، منذ تلك الواقعة التي تعود لأوائل التسعينات حَرَّم هذا السياسي الجلابية على جسده واستعان (بالبيجامات) حرصاً على كرامة الحزب وصوناً لخطه السياسي!.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.