بشارة جمعة آرور يكتب: هل السودان مقبل على الوحدة والنهضة أم التفتت والانهيار…؟!
*مشاهد و وقائع 19 ديسمبر الاستقلال و 19ديسمبر ثورة طموحات الأجيال مابعد الاستقلال، إلا أنه أصبح معروفاً أنه بعد كل حالة ثورية تأتي دورية سياسية تختطف الثورة وتقطف زهور الآمال العِراض والطموحات الكبيرة،وكمان تأخذ بالمرة معها المزهرية…
*والبرغم من الحديث عن الانجازات في ديسمبريات السودان إلا أن السياسات والترتيبات المصاحبة لهما برهنت على أنها مبالغ فيها لدرجة التوهم والغرور بقشور إستبدال وضع بوضع أسوأ وذاك عين الغباء والتوهان في غابة الشعارات الجوفاء والتكهنات الخرقاء…
*ومع ذلك نقول: نزف أسمى آيات التهاني المستحقة وأجمل التبريكات المفعمة بالأخوة الصادقة والمحبة والوئام الدائم إلى كل سوداني وسودانية بمناسبة ذكرى إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان والتحية ممتدة إلى رواد الاستقلال من الأجداد والآباء الرعيل الأول الذين صنعوا هذا التاريخ والمجد التليد وشكر خاصة لمقدمي المقترح والمثني:( عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة مقدم مقترح الاستقلال من دارفور والمثني للإقتراح مشاور جمعة سهل جابر من كردفان ) أتت بهما دوائرهم ليمثلوها نواباََ بالبرلمان فكان تمثيلهما أفضل تمثيل وكانت وقفتهما أصدق وقفة وطنية وشجاعة، فنالا شرف الموقف والكلمة والبطولة بجدارة وحقق السودان استقلاله بإعتراف كامل. فالتحية لهما وأولئك الذين ساندوا الفكرة والاقتراح بأن ينال السودان استقلاله بتاريخ 19 ديسمبر 1956م وذاك هو التاريخ الحقيقي لاستقلال البلاد من داخل البرلمان وأما الاحتفال بتاريخ واحد يناير 1956م ماهو إلا تتويج لعملية الاستقلال برفع علم السودان المستقل وإنزال أعلام دولتي الحكم الثنائي.
*هكذا، عندما توحدت إرادة الشعب نحو هدف واحد وهو الاستقلال ناله بجدارة وذلك يستوجب أن تكون وحدة الوطن وتقدمه ورفعته حاضرة في ذهن كل سوداني…
*إلا أنه لم يكد سامر الإحتشاد في قاعة البرلمان ينفض بمقترح الاستقلال حتى خرجت بعض القيادات في القوى التقليدية تحمل تصريحات الإثارة والأنباء ما فيه مزدجر وأعقبتها وعود كاذبة لم يتحقق منها شيء حتى وصلت الشكوك إلى ذروتها فكانت بداية التمرد في جنوب السودان فتفجيرت الأوضاع بعد ذلك وتحولت إلى ثورة واسعة في عام 1958م
*ثم جاءت عقبها إنتفاضات وثورات…،ومرة أخرى إندلعت إنتفاضة وثورة في19ديسمبر 2019م وسارت على درب سابقاتها وقد تم الترحيب بها من كل سوداني ( الذين تم إزاحتهم أو الذين فرحوا بالإزاحة وتغيير الواقع…).
*ولكن وآهٍ من لكن سرعان ما تم تقويض روح التغيير وعملية التحول نحو الديمقراطية تدريجياً وبشكل متعمد ومنظم فنُسفت فعلياً طموحات وتطلعات الشباب الحالم بواقع أفضل وغد أجمل، وقد تم كل ذلك بواسطة نفس النخب السياسية المستهبلة المتسلقة التي كانت مثار ثناء وشكر من قِبل الثوار والشعب وهم غفلة من أمرهم…
*وأولئك الأراهيط عملوا على زيادة الاخفاقات وترحيل الأزمات وقاية الساعة إلى أنّ برزت أنماط جديدة من التفكير المتزمت وظهور قوات وجماعات مسلحة في العاصمة و ولايات ما كان لها أن تبرز فيها هذه الحالات لولا هشاشة الدولة وضعف الحكومة وكثرة الحركات وتناسلها المستمر بلا توقف مع تعدد الاتجاهات في صناعة الدعاية السياسية السوداء لإخداع الناس وتضليلهم…، هل عرفتم وفهمتوا يا شباب أن الساسة في بلادكم لا يسعون لصناعة المستقبل بتغيير الأوضاع إلى ماهو أفضل من خلال توظيف المعطيات ومتغيرات الأحداث الوطنية والعمل لصالح الوطن وإنما يستثمرون في أخطاء بعضهم…، وإني لأجزم بأن ليس هنالك أخطر على الدولة من الخلط بين المُكر والحِكمة والإِستِئثار وادعاء التَضحِية من أجل الوطن…
*هكذا يستدبر الشعب السوداني في كل مرة ثورة ومرحلة جديدة ليستقبل ما يليها من تطلعات وآمال عراض،ولكن للأسف الشديد سرعان ما تلاشى وتتبخر…، وفي نهاية المطاف لا يجد الشعب سِوَى حديث كثيف يتداوله السياسيون، ينتهي بعرض بضاعتهم القديمة المتجددة في كل الأزمان والمراحل.
وذلك هو الحصاد المر الذي أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى،حيث تجلت عملية نسف التفاؤل بإنتشار خطاب الكراهية، وتعزيز روح العداوات فأضحت من أكثر الصور البارزة في المجتمع وهذه الحالة توشَّى بإحتمالات تفكيك الوطن مرة ثانية.
*ويا له من عار وشنار يا أبطال الطرق المختصرة للدمار وصناع الانهيار وأعداء النهضة والإزدهار.
ختاماً، نطرح سؤال مفتوح لكل مواطنة/مواطن سوداني، إلى متى سيستمر هذا العبث السياسي والتسويات المضروبة والاتفاقيات المنبوذة،ومتى ستنتهي عملية الإستثمار في إنتاج المزيد من حلقات مسلسل التمادي في إهدار الفرص ؟!
*هل سنُقبل على الوحدة كغاية سامية ونعمل من أجل نهضة البلاد كهدف إستراتيجي، أم سنواصل أسلوب الشيطنة والتخوين وصولاً إلى حافة التفتيت والانهيار؟!
*أقولها وبكل صدق يا أيها الساسة والقيادة أنتم العيب والضعف بذاته يمشي على بطنه، وما للسودان عيبٍ وضعفٍ سِواكم.
*والحياة لن تتوقف بسبب تصرفاتكم الشنيعة وبشاعة خلافاتكم ولن يصاب الشعب السوداني بخيبة الأمل لأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء،لذا سيعيش الشعب السوداني حلم التغيير والتحول المنشود بلا قيود أو حدود لتطلعاته وطموحاته المتزاحمة.
*عزيزٌ أنت يا وطني برغم قساوة المحنِ، وبرغم صعوبة المشوار ورغم ضراوة التيار سنعمل من أجلك ياوطني لنعبر حاجز الزمنِ والإحن التي تَجُر علينا المِحن، لأن حياتُك كلها قيمٌ يا أحب مكان يا سودان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.