عادل الباز يكتب : الدبلوماسيون.. (يا سُمَّها لما سرى)!!
1
قالوا لي إنها ماتت، قلت نعم أدري أنها هلكت غير مأسوفٍ عليها، ولكن سمها ما زال يسري.. الآلاف تشردوا من وظائفهم ويهيمون بالآلاف علي وجوههم بلا أمل، شوهت سمعتهم من دون وجه حق بين أهلهم وأصدقائهم، حتى عجزوا أن يطلوا من علي أي منبر، اختبأوا خوف تلك النظرات، ولذا ستظل ذكراها حية فى عقول ووجدان كل الضحايا الذين عصفت بهم ، وستظل وصمةً ولعنةً فى جبين الثورة، وأعظم خيانة لقيمها وأشواقها للعدالة والحرية..
يا سُمَّها لمّا سرى!
2
موظف من ذوي الجهل النشط يخلف قدمه بطريقة غير دبلوماسية، تعلمها في حواري الأحزاب اللا ديمقراطية، ويقول لرفاقه الدبلوماسيين إنه لا يعترف ولن ينفذ حكم المحكمة العليا التي أنصفتهم بإعادتهم لوظائفهم، عندو رأي سعادتو في قراراتها النهائية!! بالله شوف.
ماذا حدث أولاً؟
في زمان أهوج وأعوج قامت لجنة التفكيك والتمكين بفصل أكثر من 134 من سفراء ودبلوماسيين وإداريين يمثل السفراء منهم 50% من السفراء العاملين في الخارجية، بينهم سفراء رفيعو المستوى، خدموا بلادهم في ظروف قاهرة في أنضر سنوات عمرهم، ليطل في آخر الزمان بهلوانات بجرة قلم قميء، يعصفون بكل تاريخ هؤلاء المهني، ويحيلونهم إلى مشردين بلا حقوق.
ذهبت خبرات أجيال من الدبلوماسيون في لحظة هوجاء إلى الشارع.
دبلوماسيون محترفون، تلقوا أرقى أنواع التدريب والتأهيل، وصقلتهم معارك ثلاثين عاماً في أصقاع الدنيا ودهاليز الأمم المتحدة والمنظمات العالمية؛ عملوا ضد الحصار وضد الإرهاب، كانوا يعملون لوطنهم ولم يكونوا بيادق في كتائب سلطة حاكمة، معظمهم ولج الخارجية من الباب الذي تعتمده الدولة، باب لجنة الاختيار. راجعت اللجان ذات الغبائن كل ملفاتهم ورقة ورقة فلم تجد في تاريخهم ولا أدائهم ما يشين، ولا ما يشير إلى أنهم توظفوا في الوزارة بفعل التمكين، وأعني أغلبهم، والعدالة تقتضي أن من جاء معيناً من باب التمكين فليذهب من الباب ذاته، أما الذين صعدت بهم مؤهلاتهم فلا ينبغي أن يشردوا لمجرد أنهم كيزان، وكأن الكيزان لاحق لهم في الوطن ولا حق لهم في التوظيف.
قررت اللجنة الهوجاء أن هؤلاء الكيزان لا حق لهم في التوظيف بسبب أنهم جاءوا على أيام النظام السابق، الغريب أن الذين عابوا على الإسلاميين نهج التمكين ساروا على ذات النهج، وجاءوا بكوادرهم من أقاصي الدنيا ليؤسسوا تمكيناً جديداً فقيراً وبائساً!!
3
ماحدث ثانياً؟
يوم 29 سبتمبر قررت المحكمة العليا إعادة 15 سفيراً وأعلمت بقرارها الأطراف المعنية في 12 أكتوبر 2021، وتسلمت الخارجية الحكم من المحكمة العليا ومن محامي السفراء ووقعت على ذلك..
ألزم القرار الوزارة بأن تبادر بالتنفيذ، وطلب من السلطات المختصة أن تعين على تنفيذه، وهو قرار نهائي وملزم بحسب قانون التفكيك نفسه، ولا يمكن الطعن فيه.
إذن ماذا فعل الديكتاتور الصغير بالخارجية، أو ما يسمى الوكيل المكلف الخارجية؟
رفض قرار المحكمة، وبدأ مسيرةً طويلةً من اللولوة فكتب إلى وزارة العدل.. تصوروا بعد حكم نهائي للقضاء ومن المحكمة العليا يكتب وكيل وزارة للجهاز التنفيذي ممثلاً في وزارة العدل، مستفسراً عن كنه القرار.. بالله ده قرأ وين؟
أصلاً ما سمع بحاجة اسمها مبدأ الفصل بين السلطات؟
ديكتاتور (جاهل صغير مغرور).. عاد مرة أخرى ليكتب لديوان شؤون الخدمة، الذي رد عليه مؤكداً أن كل الوظائف موجودة، ووجهه بإعادة السفراء لوظائفهم من تاريخ الفصل في ديسمبر 2020، والاحتفاظ لهم بكل حقوقهم، ومع ذلك واصل رفض التنفيذ!
بالله شوف كيف يهزأ هذا الصغير بقيم العدالة والزمالة، فبدلاً من أن يسعد بعودة زملائه على أكتاف القضاء، إذا به يبدأ مسيرةً طويلةً من المماطلة، لأغراض خبيثة في نفسه.. يهزأ بالقانون والقضاء غير معترف بأحكامه.
في وقت نفذت فيه كل الوزارات والمؤسسات قرارات القضاء، وأرجعت مفصولي التفكيك لوظائفهم إلا هذا الصغير، يخلف ساقه، ويسخر من القانون والمدنية والعدالة ولا يزال في مكانه.. هو ليس وحده (كل في غير مكانه).
يحدث هذا في وقت تعاني فيه وزارة الخارجية من نقص كبير في الكوادر، فمعظم الإدارات بلا مديرين، وأغلب السفارات بلا سفراء فى وقت تعانى البلاد من هجمة خارجية، ويكاد يحكم عليها الحصار المالي والإعلامي فى هذا الوقت الخطر، لسانها مقطوع، بل والسفراء (بتاعين البيانات) يعملون ضد الجيش وعلناً، ويقودون المظاهرات ضد دولتهم!!
هل هناك مهزلة في عالم الدبلوماسية والسياسة أكثر من كده؟ هل هناك عبث مثل هذا يمكن أن يحدث في دولة محترمة؟ تخيلوا لو في مصر القريبة دي لو خرج سفيرها في واشنطن فسب ولعن واتهم قائد الجيش المصري.. هل تتخيلون ماذا يمكن أن يحدث؟
بالطبع هذا لن يحدث ولن تتخيلوه، لأنه فوق الخيال!!
وأزيدكم عجباً، تصوروا أن هؤلاء السفراء الأماجد، المتمردون اللاعنون لجيشهم، تتأهب الدولة وبجلالة قدرها وبموافقة قائد الجيش نفسه لإعادتهم إلى وظائفهم معززين مكرمين.. شكرا حمدوك.. أثبت، لكن معليش!
4
ما لم يحدث.. الدبلوماسيون الذين حكم القضاء بعودتهم إلى وظائفهم تركوا ذلك العبث يمضي، ومارسوا سياسية النفس الطويل والانتظار الممل، بدلاً من أن يرجعوا إلى المحكمة ويطلبوا منها تنفيذ الحكم النهائي، ويزجوا بالديكتاتور الصغير في السجن، لينصروا القانون والعدالة والمدنية، بدلاً من ذلك ظلوا يتعلقون بآمال كاذبة وأوهام.. أيها الدبلوماسيون؛ قضيتكم عادلة خذوها بحقها..تؤخذ الدنيا أحياناً غلابا..
بالقانون وليست كلها دبلوماسية.
والله أعلم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.