باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

سناء العاجي تكتب: ادعم الطفل معتصم أحمد

1٬151

*تعود تفاصيل الحكاية إلى منتصف شهر ديسمبر من هذه السنة (2021). في السودان، توصلت أسرة الطفل معتصم أحمد علي، برسالة تخبرهم بفصل الطفل من المدرسة التي كان يدرس بها بسبب “سلوكه المنافي للدين والعقيدة”.

*المشكل، أو لنقل الكارثة… أن الطفل المعني، عمره… خمس سنوات!

*كان الطفل يسأل في المدرسة أسئلة من قبيل: لماذا يوسوس لنا الشيطان؟ أين الله؟ كيف خلقنا؟… وغيرها من الأسئلة الوجودية التي يطرحها الكثير من الفلاسفة… والتي يطرحها معظم الأطفال!

*الطبيعي بالنسبة لطفل في الخامسة أن يطرح مثل هذه الأسئلة. والطبيعي في مؤسسة تعليمية أن تحاول تقديم أجوبة مقنعة تشبع فضوله المعرفي… لن نطلب منها أن توفر له أجوبة عقلانية مدنية علمانية؛ بل على الأقل أسئلة من صميم الثقافة الدينية، تقدم له بضع أجوبة في حدود مستوى فهمه في هذه السن المبكرة. لكن، أن تطرده بتهمة الإلحاد، فهذا أمر غير مقبول وغير مفهوم. هل يلحد طفل في الخامسة؟

*لكي ندرك بشكل جيد خطورة ورعونة وتطرف قرار هذه المدرسة السودانية، لنتساءل ما الذي قد يحدث وما الذي سيشعر به معظمنا لو تم طرد طفل في الخامسة من مدرسة أميركية أو ألمانية أو يابانية لأنه مسلم ولأنه قد يهدد سلوك وتدين باقي الأطفال بسبب أفكاره وسلوكاته المسلمة. كيف ستكون حينها ردة فعل الأغلبية المسلمة في السودان وخارجها؟

*الطبيعي في سنوات الطفولة الأولى أن يطرح الأطفال أسئلة كثيرة عن الله وعن الوالدين وعن الخلق وعن الطبيعة وعن التوالد وعن الدين… لكن غير الطبيعي أن نتعامل مع طفل بهذا الإرهاب الفكري؛ والأخطر أن نتهمه بمس العقيدة وبالإلحاد وبتهديد إسلام زملائه الأطفال. أي تدين وأي إلحاد لدى طفل في الخامسة؟

*ثم، على فرض أن مرافعات حقوقية أو قرارا قضائيا فرض على المدرسة أن يعود الطفل لدراسته، كيف سيكون موقف باقي الأطفال منه وهو “متهم بالإلحاد”؟ كيف سيتعامل معه باقي الأطفال؟ كيف سيعيش هذا الطفل في محيطه الصغير ومع جيرانه؟

*علينا ربما أن نعي أنه من المرفوض (ومن الإجرام الإنساني ربما) إدخال الأطفال في نقاشات هم أصغر منها. انطلاقا من الوالدين الفخورين بابنهما الصغير وهو يقدم “مناظرة” عن الوطن وعن الفساد السياسي في سن يفترض أنه لا يستوعب فيها كل هذا الكم من الشحن السياسي؛ للوالدين الذين يفرضان الحجاب على طفلة صغيرة أو يدفعانها “لاختياره” وهي في سن لا يفترض فيه أن نرى فيها الجسد الذي يجب “ستره” ولا ربطها بالرغبة الجنسية المحتملة لجسدها؛ للوالدين أو المدرسة التي تعاقب طفلا على سؤال ينم عن فضول معرفي بسيط وطبيعي جدا في سنه؛ لغيرها من السلوكيات التي تقتل الطفولة في الطفل.

*معتصم أحمد طفل صغير… يفترض أنه أصغر من الإلحاد وأصغر من تهديد معتقدات زملائه. لكن الواضح أن عقلياتنا هي الأصغر. صغيرة جدا وتافهة جدا وجبانة جدا، لدرجة أن أسئلة طفل… ترعبها!

*ملحوظة على الهامش: رسالة المدرسة موجهة للسيد إبراهيم خليفة، الذي ليس والد الطفل بل “ممثل ولي أمر التلميذ” كما هو واضح في الرسالة وأيضا من اختلاف الأسماء. لا نعرف صلة القرابة بين الاثنين. لكن الأكيد أن أم الطفل، والتي يبدو من المراسلة أنها في تواصل مع المدرسة (حيث جاء في نص الرسالة: “…وبعد إصرار والدته على صحة ودعم سلوكه المنافي العقيدة والدين”)، لا تعتبر ولية أمر الطفل. طبعا، فهي… مجرد امرأة!

نقلاً عن الحرّة

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: