سمية سيّد تكتب: أخيراً.. سفير لأمريكا بالخرطوم
*حملت الأنباء ترشيح الإدارة الأمريكية أحد دبلوماسيها وهو جون جود فري سفيراً لها بالخرطوم، مما يعني ترفيع تمثيلها الدبلوماسي الذي كان يقوده قائم بالأعمال لنحو ثلاثين عاماً.
خطوة مهمة في مسيرة العلاقات بين واشنطن والخرطوم، من شأنها أن تقود الى تطور إيجابي يستفيد منه السودان في عدة مجالات.. سياسية واقتصادية وأمنية.
*البعض يرى أن أمريكا لا تقدم شيئاً بلا مقابل. وأن تدخلها في السودان بعد تغيير نظام البشير له أجندة بخلاف الموقف المعلن بدعم التحول الديمقراطي والانتقال.
*لكن حتى وإن كان ذلك الرأي صائباً في جزء كبير منه، الا أن السودان يحتاج الى الدعم الأمريكي على الأقل للانخراط في المجتمع الدولي.
*لقد ظل السودان بعيداً عن العالم منذ العام 96 على خلفية احتضان نظام البشير لزعيم القاعدة أسامة بن لادن في الخرطوم. ثم تطور الأمر الى إضافة السودان لقائمة الدول الراعية للإرهاب عقب تفجير سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام. وظلت الأوضاع تسير من سيئ الى أسوأ بعد 2003 مع استفحال الحرب في دارفور ونشاط المنظمات الأممية والحقوقية التي كانت تصفها بالإبادة الجماعية. نظير هذه التعقيدات حصدت الخرطوم نتائج كارثية تمثلت في العقوبات الاقتصادية التي تضرر منها إنسان السودان وليس حكومته.
*الأضرار الاقتصادية التي عانت منها البلاد كانت معلومة للجميع لأنها مست المواطن في معاشه اليومي، فزادت نسبة الفقر وارتفعت معدلات البطالة وملايين النازحين واللاجئين، مع فقر في مشروعات التنمية، وتدني الخدمات، وانهيار في البنيات الأساسية.
*أدى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في أكتوبر 2020 الى نتائج إيجابية في العلاقات السودانية الأمريكية بدأت مع تحركات لمسؤولين كبار للخرطوم لتقديم الدعم للحكومة الانتقالية، وجاءت بعض الإشارات الفورية بتوقيع مذكرة تفاهم مع برنامج المعونة الأمريكية بتوفير أكثر من97 ألف طن قمح بقيمة 20 مليون دولار للسودان في الوقت الذي كانت البلاد تشهد أكبر أزمة خبز، كذلك إعلان شركة جنرال إليكتريك الأمريكية عن اتفاقية في مجال الطاقة لأول مرة.
*كذلك إعلان وزير الخزانة الأمريكي عن توفير تسهيلات تمويلية لسداد متأخرات السودان للبنك الدولي بما يتيح له الحصول على أكثر من مليار دولار وذلك عقب زيارته الخرطوم.
*الإدارة الأمريكية رفعت العصا ضد المكون العسكري عقب قرارات 25 أكتوبر التي أعلنها القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، واستمرت الضغوط المعلنة حتى عودة حمدوك رئيساً للوزراء، مما يعني بعدم وجود أي إمكانية لتجاوز واشنطن في أي قرارات سياسية مصيرية خلال الفترة الانتقالية أو رفض تدخلها في شؤون السودان الداخلية.
*صحيح أن واشنطن ظلت تمارس الابتزاز السياسي ضد السودان خاصة في مسألة دفع التعويضات والتي زادت من معاناة السودانيين جراء رفع سعر الدولار في السوق الأسود وانهيار العملة الوطنية.
وصحيح أن الأمريكان سيدعمون التحول الديمقراطي من خلال الضغوط السياسية التي لا تكلفهم مليماً أحمر، لكن رغم ذلك أن السودان يحتاج الى تطوير علاقاته الثنائية مع أمريكا من أجل بناء علاقات سياسية واقتصادية جيدة في محيطه الدولي والإقليمي وباعتبارها المعبر الرئيس لذلك.
ترفيع التمثيل الدبلوماسي الأمريكي الى درجة السفير نأمل أن يؤدي الى فتح مجالات اقتصادية ومصرفية واستثمارية بين السودان وأمريكا وغيرها من دول الغرب.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.