* ما يجري الآن في الوسط الرياضي سيكون سبة في جبينه إلى أن يرث الله الأرض، وإنا ليس بصدد الدفاع عن دكتور معتصم جعفر وأسامه عطا المنان بالباطل، بقدر ما أريد لفت النظر للهرج والمرج الذي يسود بسبب الحرب على الفساد، وكيف وصل بنا الحال إلى أن نرى الفساد نفسه يعلن الحرب على الفساد ويدعي النزاهة والشرف.
* الكرة السودانية كانت وماتزال تسير بمجهودات وجيوب الأفراد وسيظل هذا الواقع مسيطراً إلى أن نقرر التحول الكامل إلى الوضع الإحترافي، وقد فرض ذلك بعض الثوابت وعلى رأسها أن الإنسان الذي يفرض نفسه قيادياً رياضياً فذلك يعني أنه يتمتع بقدرات مادية كبيرة خولته لأن يوجد الحلول لكل المشاكل المالية التي تعرض عليه بشكل يومي، وأن تكون أميناً لمال الإتحاد السوداني لكرة القدم فذلك يعني أنك مطالب بحل العشرات من المشاكل التي توضع على طاولة مكتبك يومياً، مشاكل شخصية لرياضيين، ومشاكل مؤسسية خاصة بأندية واتحادات تتبع لإتحاد الكرة، ومشاكل بعثات مطالبة بالتحرك من مدنها لتؤدي مبارياتها في الدوري، وقد شهدنا بأم أعيننا وتابعنا بعض البعثات تتصل بأسامه عطا المنان وتخبره بأنها قد تحركت بالفعل من مدينتها نحو الخرطوم ولكنها لا تعرف أين تنزل وكيف تتصرف فيما يخص الإقامة والإعاشة، فيهرول أسامه ويدبر كل شيء.. يقدم لها من جيبه الخاص ويستمتع بذلك.. لأنه يؤمن بهذا العمل كقيمة إنسانية ودينية وإلا لملأ بها صفحات الصحف..!!
* ذات مرة، كنت في زيارته لتقديم واجب العزاء في عمه الذي توفي بنيالا، وصادف وجودي معه حضور رئيس نادي الهلال وقتها أشرف الكاردينال، وكانت المرة الأولى التي التقيه فيها وجهاً لوجه، وبعد ان قدم واجب العزاء دخل في موضوع سفر الهلال إلى زيمبابوي حيث كان يشارك في الأبطال تقريباً أمام بلاتينيوم، وقال له بالحرف: (نحن عايزين نسافر يا أسامه، وما عندنا ليك أي حاجة..!)… وبعدها حدث نقاش ودي انتهى بقبول أسامه عطا المنان بأن يتولى إجراءات سفر بعثة الهلال إلى زيمبابوي بدون ان يتسلم فلساً واحداً أو يتحصل على وعد قاطع بالسداد، والأدهى ان كل ذلك كان في نفس الأيام التي تنشر فيها الصحافة مستندات تشير فيها لفساد عطا المنان، وكان المبلغ وقتها ضئيلاً إذا قيس بالأرقام التي ينفقها على الاندية والإتحادات والمساعدات التي يقدمها للمسافرين، ولا يعقل أن ينفق الإنسان ١٠٠ مليار مثلاً ثم يتهم بإختلاس مليارين…!!
* أما معتصم جعفر فقضيتة مثيرة للضحك والسخرية، بالنسبة لنا كأبناء محلية الحصاحيصا، فمنذ ان عرفناه ولقرابة الثلاثة عقود لم نعرف عنه أقل من سمو الأخلاق ونزاهة اليد وعفة اللسان، رجل محترم بكل ما تحمله الكلمة، ويشهد بذلك الغريم قبل الصديق، وأنا أكتب هذا المقال الآن لدي مآخذ على أداءه في بعض الملفات سأعود لها بالتفصيل ولكنني لا أجرؤ على الطعن في ذمته فالحديث في هذا الجانب إفك مخجل، ليس ضماناً فقط، بل لأنني كنت شاهداً على حجم التضحيات التي قدمها منذ أن بدأ إدارياً صغيراً بنادي النيل بالحصاحيصا حتى أصبح رئيساً للإتحاد السوداني ورئيساً لسيكافا ورقماً في الإتحادين الأفريقي والعربي، ونعرف كل شيء يتعلق به، لذلك عندما يتحدث الناس عن إقصاءه عن سباق الإنتخابات من لجنة الأخلاقيات للإشتباه بفساده فالأمر جلل، بل ومثير للضحك والغثيان في آن واحد.. في حق رجل كان ومايزال مفخرتنا على المستوى الدولي والإقليمي، فرض إسمه وبكفاءته ليكون سفيراً للسودان في الإتحاد العربي والأفريقي وفي سيكافا وغيرها.. ينفق من حر ماله ولا ينظر لما لدى الآخرين.
* نحتاج أولاً للإلتزام بمؤسسية العمل الإداري في هيئاتنا الرياضية على هدى الإحتراف، ونحتاج لتسمية الأشياء بمسمياتها… وقبل كل شيء نحتاج لتعريف الفساد والمخالفات، وغير مقبول أن نضع من أنفق المليارات وقدم الكثير من التضحيات من ماله ووقته في قفص الإتهام لمجرد أنه كان ضحية هفوة عادية… وإلا فإن كل العاملين في الحقل الرياضي فاسدون ومفسدون لأن مؤسساتنا مليئة بالمخالفات.. منها المقصودة ومنها غير ذلك..!!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.