د. مزمل أبو القاسم يكتب: فوق القانون
* عندما يذكر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أنه يدعم عمل لجنة إزالة التمكين (وفق خطةٍ ومنهج يحققان بناء دولة القانون) فإنه يعترف ضمنياً بأن اللجنة لا تعمل وفق ما ينص عليه القانون، وأن نهجها الأعوج لا يساعد على إرساء دعائم دولة القانون.
* سبقنا الأستاذ محمد التاج مصطفى المحامي في تفنيد ما يدعيه البعض عن أن قانون إزالة التمكين يستند إلى الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، حين كتب: (الدفاع عن قانون إزالة التمكين بالقول إنه آتٍ من صلب الوثيقة الدستورية كذوب يجافي الحقيقة، لأن الوثيقة بريئة تماماً منه، لأنها أسهبت في الدفاع عن حقوق المتهم، ولم تترك شاردة أو واردة من حقوقه إلا أوردتها وحفظتها له).
* قانون إزالة التمكين مفارق للوثيقة التي أوفت لضمان حقوق المتهمين، ونكص عنها قانون أقل درجة منها، والدليل على ذلك أننا باستعراض نصوص الوثيقة ندرك عدم صحة القول بأن هذا القانون من صلب الوثيقة، وكل ما هناك أن الوثيقة نصت في البند (15) على التالي: “تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو 1989 وبناء دولة المؤسسات”، ولم تنص على إزالة التمكين بمثل ذلك القانون المجحف.
* لم يعطِ النص المذكور السلطة صكاً على بياض كي تصدر قانوناً مخالفاً للوثيقة الدستورية، كما أن مصطلح (إزالة التمكين) لم يرد فيه ما يشير إلى جواز الاتهام والتحري والتحقيق والإدانة من واقع ملفات ومستندات تطلع عليها اللجنة وحدها.
* ألزمت الوثيقة الدولة بـ(احترام الكرامة الإنسانية)، ونصت على تأسيس الدولة على العدالة والمساواة، وألزمتها بأن تحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وبالخضوع لحكم القانون وذكرت أن الحقوق تشمل ما ورد في المواثيق الدولية عن حقوق المتهم كافة.
* كذلك نصت الوثيقة على أن الناس متساوون أمام القانون، وأن لهم الحق في التمتع بحماية القانون، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وفقاً للقانون، وأن لكل شخص الحق في سماعٍ عادل وعلني أمام محكمة علنية مختصة، ولكل متهم الحق في أن يحاكم حضورياً عن أية تهمة جنائية، وأن للمتهم الحق في أن يدافع عنه بالمحامي الذي يختاره، وتقدم له المساعدة القانونية عندما يكون غير قادر على الدفاع عن نفسه.
* يخالف قانون إزالة التمكين الوثيقة لأنه يصادر حقوقاً دستورية لا يجوز التعدي عليها، علماً أن الوثيقة أعلى مرتبة من القانون، والقانون هو الذي يجب أن يتوافق مع الوثيقة وليس العكس، وقد جاء فيها ما يلي: (الوثيقة الدستورية هي القانون الأعلى في البلاد، وتسود أحكامها على جميع القوانين).
* بحسب ما كتب الأستاذ محمد التاج مصطفى فإن النهج السليم في المحاسبة يتم بإحالة كل البلاغات التي نظرتها لجنة إزالة التمكين إلى المحاكم المختصة، وفقاً للقانون الساري، وأن تُعقد محاكماتٌ علنية للمتهمين، تتوافر لهم فيها كل حقوقهم الدستورية، كي نصبح دولةً مدنيةً تحترم وثيقتها الدستورية، وتقدم النموذج الحي لتطبيق العدالة دونما تشفٍ أو انتقام.
* العدالة تطبق تحت ضوء الشمس، وفي ساحات المحاكم، وفي جلسات علنية أمام القاضي المختص، يحضرها المتهم ومحاميه، وتتوافر فيها للمتهم الفرصة في مناقشة الشاكي وشهوده، ويتم تمكينه من جلب البينة التي تدحض الاتهام من خلال الشهود والمستندات، ومن ثم يصدر القرار له أو عليه، وله الحق في استئنافه والطعن فيه وطلب مراجعته والطعن فيه بدعوى دستورية.
* أي مصادرة لأموال أو ممتلكات لا تتم من خلال المحكمة ووفقاً للإجراءات المبينة أعلاه تعتبر باطلةً لمخالفتها الدستور والقانون وقواعد العدالة والإنصاف والوجدان السليم.
* سننشر السفر القانوني المتميز الذي دونه الأستاذ محمد التاج مصطفى المحامي كاملاً في أعدادنا المقبلة، كي تعم به الفائدة، ونشكره عليه، لأنه أحق به الحق، وأفحم به على ما سعوا إلى إجهاض العدالة، واجتهدوا في توظيف القانون لإشباع شهوة التشفي والانتقام.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.