1
لم أجد شخصاً محتاراً مثل السيد رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك.. السيد حمدوك تتقاذفه أمواج السياسة العاتية وهو بلا خبرة سباحة فى تلك البحور الغميسة، فهو لا يعرف أين يقف الموقف الصحيح، ولا يعرف أيمضي إلى الضفة الأخرى أم يواصل في لجة البحر.. الآن يكاد يغرق.. يتخبط يميناً ويساراً رافعاً يديه فى الهواء مشيراً بعلامة النصر، فلا تفهم هل هو منتصر، أم أن تلك العلامة نداء استغاثة!!
كم أنا متعاطف معه فى حيرته ومتاهاته غير المسبوقة.
2
هو الآن لا يعرف أيمضي مع قحت أم العسكريين؟ لو مضى مع العسكريين سيضحي مجرد أُلعوبة فى أيديهم، ولو ذهب مع المدنيين الذين جعلوه أضحوكة سيحولونه هذه المرة الي مسخرة، ذلك لأنهم لا يتفقون على شيء، وسيظل يتلفّت بينهم دون أن يصل إلى قرار واحد يعينه للخروج من متاهته.. عامان لم يحصد من قحت إلا الفشل والندامة.. حاول أخيراً أن ينحاز فى الصراع إلى طرف في قحت (المجلس المركزي) ليسنده فى دوامة صراعه مع العسكر فلم يفلح، ثم قدم مبادرته كمخرج من الأزمة السياسية فإذا بها تزيد الواقع المتشظي تشظياً.. هو في أوج متاهة وأخيراً.. حيران (أسأل نفسي أيه السبب.. وأيه أصل الخصام)؟
3
أنظر يا هداك الله ماذا قال السيد الدستوري في خطابه الأخير (لجنة تفكيك التمكين من مكتسبات الثورة والدفاع عنها والمحافظة عليها واجب، ولا تراجع عن تفكيك نظام الثلاثين من يونيو لأن تفكيك الإنقاذ استحقاق دستوري، يدعم التحول المدني الديمقراطي، وهو هدف لا تنازل عنه).
هنا ينسى السيد رئيس الوزراء كل الاستحقاقات الدستورية الأخرى، ويغيبها عن خطابه عمداً مركزاً على ما يطلبة المستمعون من قبيلة القحاتة!
4
سيدي الرئيس، هناك مواد في الوثيقة الدستورية المضروبة تنص على تكوين حكومة كفاءات، وأنت لعامين عامل نائم، بل جعلت السلطة نهباً للمحاصصات الحزبية على عينك يا تاجر.. هل سمعت أيها الدستوري بأن تلك الوثيقة المهترئة قد نصت على أن هناك مجلساً تشريعياً هو استحقاق دستوري، وأن المحكمة الدستورية وكل المفوضيات استحقاق دستوري، وأن الانتخابات استحقاق دستوري.. كل ما ذكرته من الاستحقاقات الدستورية في خطابك الأخير هو أن تفكيك الإنقاذ استحقاق دستوري.. (كم مرة قلنا لهم فككوها طلعوا ميتينها.. بس بالحق والعدل، وليس انتقاماً وتشفياً وتشهيراً وبطرائق عشوائية يندى لها الجبين خجلاً).
5
تلك اللجنة التي قلت أنها من مكتسبات الثورة هي في حقيقة أمرها عار على الثورة، ووصمة ستظل فى جبين الثورة، ولن يذكرها أحد بخير بل سيلعنها التاريخ.
بالله كيف تكون تلك اللجنة مكتسبات ثورة شعاراتها الحرية والعدالة؟
هل أتاك خبر سجون التفكيك.. مئات من المعتقلين بلا ذنب ولا تحرٍ ولا حتى اتهامات.. هل هذا ما نادت به الثورة و الثوار؟
هل تعرف أن زميلنا عطاف معتقل الآن قرابة 10 أيام فى سجون التفكيك؟
هل تحدثنا عن الحرية التي كانت أشواق الثوار فتحولت على أيدي التفكيك لأحلام وتحولت العدالة إلى كوابيس؟
تلك اللجنة سيدي الرئيس لا تفكك الإنقاذ إنما تفكك قيم الثورة، وتفكك مؤسسات الدولة، وتفرغها من كفاءاتها وأبنائها المخلصين.
تظن أنك بتلك الكلمات الفارغة ستدعم اللجنة في محنتها بعد أحاطت بها العواصف، وكثر صراخها واستجدائها للتصفيق والهتاف وبلا جدوى، (هبوا الأولى لم تثمر ولم تفعل الثانية، والثالثة واقعة).. ولكن صدقني لن ينفعها دعمك، فهي في رمقها الأخير، تصارع الموت، وستستلمها قريباً بين يديك جثةً هامدة، أتمنى أن تسارع إلى دفنها ولا تتركها كما ترُكتْ أجساد الشهداء الطاهرة في المشارح حتى..
أستغفر الله ربنا يجعل مثواهم الجنة.
6
سيدي، كنت أظن أنك ستدخل تاريخ السودان من أوسع أبوابه، الآن أرى فيما أرى أنك تخرج سريعاً من أضيق الأبواب.. بدلاً من (شكراً حمدوك) قد تجد من يقول لك بأسى وداعاً…. أيها الدستوري الحائر.. لقد خذلتنا وحيرتنا معاك.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.