من أفظع الأوضاع النفسية التي يمكن ان يكابدها انسان، ومن أسوأ المراحل (الانتقالية) المثيرة للقلق حد الهلع التي يمكن ان يجد نفسه في لجتها، هما وضع ومرحلة (جوك جوك)، التي يظل خلالها الانسان في حالة انتظار وترقب لمجهول قادم لا تشي بوادره بأي خير، فتتلبسه الهواجس وتسيطر على تفكيره المخاوف بدرجة مخيفة تجعله يتمنى الموت على هذه اللحظات العصيبة التي اجاد التعبير عنها المثل الشعبي السوداني (كتلوك ولا جوك جوك)، ومن مثل ما يتسبب في هذه الحالة ما تداولته تقارير اعلامية عن اتجاه الحكومة لزيادة أسعار الكهرباء فى موازنة العام المقبل، وما زاد البلبة والطين بلة أن الحكومة ممثلة في وزارة المالية لم تنف بصريح العبارة ما تناولته التقارير عن زيادة مرتقبة في اسعار الكهرباء، وانما (تلولوت) على الخبر وجعلت باب الزيادة مواربا، اذ كشف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم، عن عدم الاتفاق حاليا على زيادة تعرفة الكهرباء في موازنة العام 2022، وقال بطريقة (ملولوة) لصحيفة السوداني التي استفسرته عن صحة الأخبار المتداولة عن زيادة مرتقبة في اسعار الكهرباء، إنهم لم يصلوا بعد إلى قرارٍ في الأمر حتى الآن.وأضاف (مافي تعليق)..والمتأمل لحديث الوزير جبريل يجد أنه حمال أوجه، لم ينف بالقطعية أي اتجاه لزيادة أسعار الكهرباء كما لم يؤكدها، بل قال عبارة هي بين ذلك عوان مثل بقرة بني اسرائيل، وهي (أنهم لم يتفقوا حاليا على الزيادة) وضع تحت عبارة (حاليا) ما تشاء من الخطوط الحمراء، فعبارة (حاليا) تحتمل التأويل بأن الزيادة اذا لم تتم (حاليا) فقد تتم (تحت أية لحظة)، ثم أنظر لقوله أنهم (لم يصلوا بعد الى قرار في الأمر)، وهذا قول يعني ضمنا أنهم يمكن أن يصلوا الى قرار فيما بعد، و(بعد) هذه قد تقع في أية لحظة، والراجح عندي أن الزيادة (واقعة واقعة) طالت الأيام أم قصرت، وليس من دليل ساطع على وقوع الزيادة من أن سياسة رفع الدعم ماضية حتى (تحرر) كل السلع) المدعى أنها مدعومة..
من جهة أخرى أطلت نذر زيادة في سعر الخبز المدعوم، حيث أعلن الأمين العام لشعبة المخابز بولاية الخرطوم عبد الرحمن الباقر عن إرهاصات بتسعيرة جديدة للخبز المدعوم. وأوضح الباقر في تصريحات صحفية، أن شعبتهم عكفت مع وزارة الصناعة والتجارة ووالي الخرطوم على دراسة التكلفة الكلية للخبز المدعوم خلال الأسبوع الماضي، بموجب طلب قدم من شعبة المخابز للولاية بخصوص التكلفة، وقال إن الأسبوع الحالي سيشهد الاتفاق على التكلفة الكلية والتسعيرة الجديدة، وأشار إلى أن بداية الموسم الدراسي ربما تزيد من المعاناة، نافيا تخصيص مخابز للمدارس، ورهن الباقر وفرة الخبز طيلة العام الدراسي باستقرار المخابز. وقال إن صاحب المخبز غير ملزم بالعمل في ظروف قاسية مع ضعف التسعير..ان مثل هذه الأخبار التي ترهص بزيادات قادمة في الكهرباء والخبز دون أن تدلي الحكومة بقول فصل فيها، يدخل الناس في حالة من القلق والتوجس والترقب والكدر والهم والغم، بما يفوق كثيرا حالهم إذا أعلنتها الحكومة رسميا، فحكمة أهلنا التي استخلصوها بتراكم التجارب والخبرات تقول (كتلوك ولا جوك جوك)، و(وقوع البلاء ولا انتظاره) بحسبان أن وقوع الحدث حتى لو كان سيئا أفضل من توقعه وانتظاره ..
نقلاً عن صحيفة ” الجريدة ”
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.