قبل أيام أعلن مجلس السيادة الانتقالي تشكيل قوات مشتركة ؛ لحفظ الأمن و فرض هيبة الدولة في العاصمة الخرطوم و الولايات، على أن تعمل بـ”رفقة النيابة العامة” ، القرار ألزم أطراف العملية السلمية في البلاد بضبط سلوك عناصرها و تحديد أماكن تجمعها.
جدل واسع أثاره القرار بين مؤيد و متحفظ و معارض، و كان جوهر السؤال ما هو الهدف من إنشاء تلك القوات في ظل وجود قوات الشرطة، ما اعتبرهُ المؤيدون للقرار تقويضاً لدور قوات الشرطة، إلى جانب أن القرار شمل كل الولايات بما فيها الخرطوم متجاوزاً ما نصت عليه اتفاقية جوبا أن تكون القوات المشتركة لحفظ أمن المدنيين في ولايات دارفور.
الخرطوم : باج نيوز
القرار الذي أصدره نائب رئيس مجلس السيادة ، رئيس اللجنة الوطنية العليا لمتابعة تنفيذ اتفاق السلام ؛ محمد حمدان دقلو “حميدتي” كلف عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا، على وضع تصور متكامل لخطة حسم التفلتات الأمنية و فرض هيبة الدولة في العاصمة و الولايات، بالاضافة إلى توجيه ولاة الولايات لتشكيل قوة مشتركة بالتنسيق مع الأجهزة العسكرية و الأمنية المختصة (لجنة أمن الولاية أو الإقليم).
مقرر الجبهة الثورية محمد زكريا قال لـ(باج نيوز) : تشكيل القوات المشتركة لحسم مظاهر الانفلات الامني في العاصمة و الولايات، و لحفظ الأمن القومي الذي يشكل قلق للاستقرار ، اتفاقية السلام نصت في بند الترتيبات الأمنية على وجود قوات الكفاح المسلح بتمثيل 66 مجند لكل تنظيم، بالإضافة إلى قوات الحراسات، موضحاً أن قوات الحراسات حسب بتركول الترتيبات الامنية يتم تسليحها بواسطة القوات المسلحة.
و أضاف : اللافت أن هناك تشكيلات عسكرية عديدة تدعي انتمائها إلى قوات الكفاح المسلح و هي منها براء ؛ لذلك رأت اللجنة العليا حسمها بتشكيل القوة بمانديت واحد.
و أوضح زكريا أن طبيعة اتفاقية السلام انتجت واقع استئاني و تعدد الجيوش يتطلب وجود كل الأطراف الموقعة حتى تكون شاهدة على طبيعة القوات ، و أن القوة تعمل باتساق تام ، مؤكداً أن عمل القوة مؤقت و لا يتعارض مع القوى المشتركة لحفظ استدام السلام في دارفور.
تقويض دور الشرطة
تتكون القوات المشتركة من القوات المسلحة، قوات الدعم السريع، قوات الشرطة، جهاز المخابرات العامة، ممثل النائب العام، ممثلين لأطراف العملية السلمية، و في إطار اتفاقية جوبا للسلام، اتفقت الحكومة الانتقالية مع الحركات المسلحة على نشر قوة قوامها 12 ألف جندي من الجانبين لحماية المدنيين في منطقة دارفور أثر انسحاب اليوناميد، و بعد حوادث الجنينة، تقرر رفع عدد هذه القوات إلى 20 ألف جندي.
الكاتب الصحفي و المحلل السياسي أسامة عبد الماجد قال لـ(باج نيوز) : الحكومة لم توفق في القرار لأن المهمة تعتبر من صميم وصلاحيات مؤسسة الشرطة، التي تتعامل بمهنية لحسم التفلات ، موضحاً أن الشرطة هي الوحيدة التي تعتبر قوات نظامية تتعامل بالطريقة المثلي مع المجتمع والشارع .
و أضاف : القرار يقدح في مهنية الشرطة و يؤكد أن الحكومة لا تدعمها بالشكل المطلوب، منوهاً الى أن القوات بالتركيبة الحالية يصعب أن تؤدي مهمتها نسبة للتباين الكبير بينها و بين طريقة التعامل مع المواطن، فضلاً عن أنها ستواجه مشكلة في التمويل فهي قوات بتركيبة بشكل خاص و لديها متابعة خاصة .
أما مقرر الجبهة الثورية محمد زكريا قال لـ(باج نيوز)، طبيعة المجموعات مسلحة، والشرطة تتعامل مع الجرائم العادية، الوضع بعد اتفاق السلام أفرز واقع استئاني استغلته بعض المجموعات، و لمعالجته لا بدَّ من علاج استئاني، مشيراً إلى أن تمثيل كافة الأطراف بالأجهزة الشرطية هو الضامن للتعامل الموضوعي، و أينما وجد نظام قوى في إطار المدن يتطلب وعي لتحاشي أي آثار سالبة يمكن أن تؤدي إلى انفلات أمني أو أي نوع من عدم الاستقرار.
بالمقابل يرى أسامة : أن القوات ستكون خصماً على لجان الأمن في الولايات لأن القرار لم يحدد كيفية التعامل بينهم و التنسيق و لم يحدد أيضاً مهمة الإشراف تقع على من.
و قال : كان الأوفق أن يمنح مجلس الأمن و الدفاع قوات الشرطة الثقة و يبسط يدها بالشكل المطلوب، وكان الأوفر أت يجري الترتيبات معها.
و يرى أسامة أن الحكومة اتجهت لاتخاذ القرار لأنها استشعرت بعدم وجود هيبة للحكومات في الولايات و أن الولاة لم يقوموا بدورهم بالشكل المطلوب، مشيراً إلى أن النص تجاوز اتفاقية جوبا لذلك تم تعميم القرار على كل الولايات التي شهدت تحركات و تفلتات و تجدد الصراعات القبلية، لافتاً إلى أن الخطورة في القرار أنه يمنح الحركات التمدد و الدعم السريع التحرك بحرية في كافة الولايات الأمر الذي لم يكن مسموح ، مشيراً إلى أن كل ذلك اشكاليات ستواجه تلك القوات فضلاً عن مهمة الفريق العطا ستكون عسيرة في الفترة المقبلة.
حفظ الأمن الداخلي
الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء مهندس أمين مجذوب قال لـ(باج نيوز) : تشكيل القوات المشتركة واحدة من الآليات لحفظ الامن الداخلي في الدولة يأتي في صياغات متعددة، منها إعلان حالة الطوارئ ، أو عجز قوات الشرطة عن حفظ الأمن فتتدخل القوات المسلحة، و تستلم زمام الأمور و السيطرة على الأمن حتى يتم إعادة هيبة الدولة و من ثمة تعود الشرطة لممارسة مهامها مرة أخرى ، أما الشكل التاني من الأشكال تعيين قوة خاصة لمهمة خاصة هو ما ينطبق عليه الحال الآن لأداء مهمة معينة و يتم فض القوة بعد انتهاء المهمة المحددة.
و أشار مجذوب إلى أنه في بعض الأحيان يحدث تعارض مع لجان الأمن في الولايات ، لذلك تشكيل هذه القوات لا بدَّ من أن يتم بالتنسيق مع الولاة لعدم التعارض مع لجان أمن الولايات التي تحدد تدخل القوات الشرطة أو القوات المسلحة وفقاً الاوامر التي تصدر من لجنة أمن الولاية .
و أوضح : السلطات مخول لها إصدار هذه الأوامر هي السلطات التي تحدد ثم ماذا بعد القبض على المخالفين للاوامر من قبل هذه القوات، و إلى أي محاكم يقدموا، هل يقدموا إلى محاكم مدنية أم خاصة، لذلك تحتاج إلى توضيح.
وما إذا كانت ستحافظ هذه القوات على الأمن أوضح مجذوب : هي قوات مسلحة تستخدم الذخيرة الحية و ليست مثل قوات الشرطة، و في حالة السيولة الأمنية التي يعاني منها المواطنين حالياً في العاصمة و الولايات مخالفات ذات صبغة شرطية، مثل النهب و القبض الحوادث مرورية، هروب من الالتزام بالقانون، مثل هذه القوات لا تصلح لأنها ستسخدم القوة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.