ضياء الدين بلال: (اللعب بالنار)..!
-١-
في أكثر من تصريحٍ، نُشر بالأمس لياسر عرمان وغيره، تمّت الإشارة تصريحاً أو تلميحاً، لوجود مُحاولات للوقيعة والفتنة بين الجيش والدعم السريع.
ربما، مصدر ذلك بروز بعض المُؤشِّرات لوجود خلاف مكتوم بين الطرفين.
هذا أسوأ سيناريو يمكن توقُّعه، حُدُوث مواجهات عسكرية بين الجيش والدعم السريع.
والأسوأ من ذلك أن تكون العاصمة الخرطوم مسرح المواجهة، ومنها تنتقل العروض النارية للولايات..!
-٢-
ليس توهُّماً ولا اعتناقاً لنظرية المُؤامرة، توجد جهات خارجية ومحلية لها منافع متنوعة في عدم استقرار السودان .
طرفان أساسيان سيستفيدان من تلك الوقيعة لو حدثت، لا قدّر الله:
أولاً: هنالك أطراف خارجية ماكرة ومُتآمرة، حريصة على تحقق ذلك السيناريو، إذ ترى فيه تحقيقاً لمصالحها التكتيكية القريبة، والاستراتيجية البعيدة المدى.
السُّودان المُستقر القوي، القادر على الاستفادة من موارده الطبيعيّة وثرواته المعدنية، سيحرمها من تحقيق أطماع مستقبلية.
ثانياً: تُوجد أطراف داخلية، يمينية ويسارية، تجد في العلاقة المُستقرّة بين الجيش والدعم السريع، خطراً يتهدّد وجودها وفاعليتها في المسرح السياسي..!
وهذه الأطراف المحلية تسعى لتحقيق واحد من اثنين، إحداث الوقيعة أو استقطاب طرف لجانبها ضد الآخر..!
-٣-
لا يغيب على مُتابعٍ، مصادر الحساسية المُتوقّعة بين الجيش والدعم السريع.
صوت العقل والحِكمة وحده، ما يجعل احتمال تلك المُواجهة خارج دائرة التوقع، مُضافاً إلى ذلك حقائق موضوعية ماثلة:
في المُعادلة السودانية الراهنة، لا تُوجد قوى سياسية أو عسكرية بإمكانها فرض إرادتها على الآخرين.
الصورة الأوضح:
مراكز القوى متعددةٌ ومتقاربةٌ من حيث عوامل القوة والضعف.
لا يوجد واحدٌ صحيحٌ في المعادلة يملك الكلمة الأخيرة..!
خُذ مثلاً:
العسكريون ليس باستطاعتهم إقصاء المدنيين من المشهد أو الحدّ من تأثيرهم السياسي.
الجيشُ يضع ألف حسابٍ لوجود الدعم السريع في المُعادلة، لذا لن يُغامر باتّخاذ خطواتٍ مُنفردةٍ خارج (حِذية الموقف المُشترك منذ مُغادرة ابن عوف).
الدعمُ السريع كذلك يدركُ فداحةَ الخسائر التي سَيَتَكبّدَهَا إذا حدثت مُواجهةٌ مفتوحة مع الجيش.
-٤-
لذا على الجميع الأخذ بالحيطة والحذر:
كلّما كثرت التعقيداتُ وسيطرت مُعادلاتُ الضعف، واتّسعَ فاقد الثقة بين الأطراف السُّودانية، تمدّدت الأصابع الخارجية، لتعبث وتبيع وتشتري، وتحدِّد مكان الوطن في خارطة الجحيم!
الحرب أوّلها كلامٌ، والكارثة قد تأتي على ظهر كلمة ، أو فعل أخرق.
وحينما تبدأ لغة البارود، تفقد الكلمات معانيها، والأفكار جدواها، ويُسيطر على المشهد المُتطرِّفون والموتورون والغوغائيون.
فتصبح الحكمة جبناً، والاعتدال ميوعةً، والموضوعية بضاعة مزجاة، ويفتح باب
المُزايدات على مصراعيه، الأكثر تطرَّفاً هو الأعلى قيمة، والأشد عنفا هو الأجدر بنوط الشجاعة..!
– أخيراً –
نقولها مرة أخرى:
الحقيقةُ التي لا يُمكن تجاوزها أو القفزُ من فوقها، السودانُ دولة مُلغمة بالأزمات.
غاز وبنزين وجازولين وفيرنس، في غرفة مُغلقة وتحت درجة حرارة مُرتفعة، تنتظر فقط شرارة، تأتي مِن هُنا أو هُناك..!
دولةٌ بناؤها هشٌّ، كل شيء فيها قابلٌ للكسر والاشتعال، تحتاج إدارتها لحكمة ووعيٍ وسِعَة أُفق وسماحة نفس، ما غير ذلك الهلاك والدمار وسوء المنقلب..!ياء
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.