الخرطوم: باج نيوز
أثار رحيل الرئيس التشادي إدريس أديبي، الذي أُعيد انتخابه رئيسًا لدورة جديدة أمس الاثنين، مخاوف في السودان من يؤدي إنفلات الأمن في انجمينا إلى تأثيرها على الأوضاع في إقليم دارفور المحاذي لتشاد، خاصة وإن الرجل توفي متأثرًا بإصابته أثناء الحملة العسكرية التي يُشنها على متمردين مسلحين كانوا في طريقهم إلى العاصمة. وقد تولي الحُكم أبنه محمد كاكا، وذلك على رأس مجلس عسكري انتقالي، يتوقع أن يصدر عدد من القرارات ذات الطابع الأمني في الأيام الجارية.
الخرطوم :باج نيوز
قال الجيش التشادي، إن قائده السابق لفظ أنفاسه الأخيرة مدافعًا عن وحدة وسلامة الأراضي في ساحة المعركة، وذلك أثناء تفقده قواته التي تُحارب المتمردين في شمال البلاد. وقد أعلن الجيش، بعد وفاة ديبي، تشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة نجله، وكانت أولى قراراته إغلاق منافذ تشاد البرية والجوية وفرض حظر التجوال في كافة مناطق البلاد من السادسة مساءًا وحتى الخامسة صباحًا بالتوقيت المحلي.
أيضًا، قال المجلس العسكري الانتقالي إنه سيعلن ميثاقا بشأن حل البرلمان والحكومة، على أن يدير حكم لمدة 18 شهرًا، لضمان وحدة واستقرار البلاد.
تأثيره على السودان
هذا الانتقال السريع للسلطة، قد يعقد الأوضاع في تشاد التي تعاني من اضطراب ذو طابع قبلي، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى صراع مسلح عنيف على الحُكم. وحال حدوث ذلك، سيؤدي إلى إحداث خلل أمني في إقليم دارفور، خاصة في ولاية غرب دارفور، التي أتهم واليها عناصر من تشاد بأعمال العنف الأخيرة التي بدأت في 3 أبريل الجاري واستمرت لأكثر من أسبوع، مؤدية بحياة 144 شخص على الأقل. وخلال هذا الاسبوع، فقدت قوى الأمن السودانية سيطرتها تمامًا على مدينة الجنينة.
يقول المحلل السياسي، محمد عبد العزيز، إن السودان يؤثر في تشاد ويتأثر بما يجري فيها، مشيرًا إلى أن غياب الرئيس إدريس ديبي سيشكل علامة فاصلة بعد أن حكم بلاده لـ 30 عامًا.
وأضاف، خلال حديثه لـ(باج نيوز)، “المطلوب من الفرقاء التشاديين الحكمة والحوار لوضه أساس لدولة مدنية ديمقراطية تحفظ لتشاد وحدتها واستقرارها، عبر التأسيس لنظام يحترم حقوق الإنسان ويعبر عن مكونات الشعب”.
وأشار عبد العزيز إلى أن التحديات التي تواجه السودان والعديد من دول المنطقة هي أن “تكسر تشاد الحلقة التاريخية الشريرة، واعني بها زحف المجموعات المتمردة إليها”.
وتابع: “أي انفلات في تشاد سينعكس سلبًا على المنطقة والسودان، خاصة إقليم دارفور”، موضحًا أن التداخل بين الإقليم وتشاد قويًا، حيث يتواجد الآلاف من السودانيين في الأخيرة.
تمدد الإرهاب
لعل أبرز المخاوف هي تمدد الجماعات الإرهابية لتجعل من تشاد ساحة جديدة لعملياتها، بعد أن نجح الراحل في توجيه ضربات قاتلة إليها.
وفي هذا الصدد، يقول محمد عبد العزيز، إن تشاد تقع في منطقة ملتهبة، حيث شمالا تقع ليبيا غير المستقرة وغربًا تشهد المنطقة نشاط لجماعات متطرفة وجنوبا توجد أفريقيا الوسطي.
ومع ذاك، تظل المخاوف الكبيرة هي أن تتحول تشاد إلى ساحة صراع قبلي، يمكنها عبره أن تشهد عشرات من الحركات المسلحة، وذلك في ظل سهولة الحصول على الأسلحة في هذه المنطقة.
المتخصص في النزاعات، سراج الدين عبد القادر، يقول إن المعارضة التشادية توحدت في الفترة الأخيرة تحت جبهة الوفاق من أجل التغيير، وهذا التحالف ليس لديه توجه إيديولوجي وإنما هو ائتلاف بين القبائل المختلفة بما في ذلك قبيلة الزغاوة التي ينحدر منها ديبي.
وأضاف، لـ(باج نيوز)، “هنالك حركات أخرى، لكنها كلها تجمعت تحت جبهة الوفاق، مثل حركة الديمقراطية في تشاد والقوات الثورية المسلحة والمجلس العسكري لقادة الجمهورية وتجمع القوى من أجل التغيير”.
وأشار إلى أن جميع هذه الحركات كانت تقاتل مع القائد العسكري الليبي خليفة حفتر الذي يخوض حربًا على حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا؛ لكن بعد الضربات التي أصابتها في مقتل من قبل القوات التركية الموالي لحكومة الوفاق، طُلب منها سحب قواتها من ليبيا والاتجاه لتشاد حتى تجد لها موطئ قدم في الحكم.
وقال عبد الغفار إن هذه الحركات استفادت من التصعيد السياسي الذي أحدثته الانتخابات التي فاز بها الرئيس الراحل بعد انسحاب المعارضة السياسية من العملية الانتخابية.
وتابع: “الهجوم الأخير الذي قادته الحركات المتوحدة عقب فوز ديبي، كانت المعارضة تعتقد أنه فرصة كبيرة لقطع الطريق إمام تنصيب الراحل”. مشيرًا إلى أن الجيش التشادي تحدث عن أنه دمر المعارضة المسلحة، لكن الأخيرة قالت إنها لم تتعرض لخسائر كبيرة.
وبشأن الوضع القبلي في تشاد وكيف تتأثر به المنطقة، قال عبد الغفار: “الوضع يؤثر على ثلاث دول هي النيجر وأفريقيا الوسطي والسودان، وذلك اذا حدث تغيير كبير وتحالفات وغيرت الخريطة من هيمنة قبيلة الزغاوة وجاءت بعض القبائل الاخرى مثل القرعان”.
وأضاف: “سيتم تغيير في خارطة الصراع في دارفور، فدبيي كان واحد من الداعميين لاتفاق جوبا، وهو أيضًا عمل على إصلاح العلاقات بين بين حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان وبين الدعم السريع في انجميا تمهيد لاتفاقية جوبا”.
لم تعلن، حتى الآن، المعارضة التشادية سواء السياسية أو المسلحة تأييدها أو معارضتها للمجلس العسكري الانتقالي الذي نصب نفسه حاكمًا للبلاد بعد وفاة ديبي.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.