باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

مجاهد عبد الله يكتب: في يوم شكره الإمام الصادق ..رحيل آخر حكماء السودان ..!!

1٬624

(مقولة ) او مثل سوداني مشهور ومتداول ويعني تمني تأخر الموت .. فيقولون لك ( فلان دة انشاء الله يوم شكرو مايجي ) اي انشاء الله يوم موته يتأخر وتدوم حياته حتى يفعل العديد من الاشياء الجميلة لان يوم الموت هو يوم الشكر وتعدد المأثر ، ولذلك عندما يعجب السودانيون بخصال شخص ما، يتمنون أن يطيل الله في عمره وان لاياتي ذلك اليوم الذي يقفون ليعددوا مأثره سريعا.
واليوم هو يوم شكر وتعدد مأثر شخصية سودانية فذة حفرت اسمها باحرف من نور في تاريخ السودان الحديث فالراحل الامام الصادق المهدي والذي رحل عن دنيانا في الساعات الاولى من الصباح يستحق أن نعدد مأثره ونشكره شكرا جزيلا عليها.
وفي يوم شكر هذا الرجل الأمة اقول أن من ليس في قلبه محبة او مودة خاصة للسيد الامام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي الذي رحل عن دنيانا اليوم فليتحسس سودانيته ووطنيته ، فالرجل رغم اختلاف الكثيرين معه في الشأن السياسي الا انه ظل رمزا للسودانوية والوطنية في كل افعاله واقواله ومواقفه ، فهو رمانة السياسة السودانية منذ ستينيات القرن الماضي حيث ظل حاضرا في المشهد السوداني العام بكثافة (مؤثرا ومتأثرا) ..! والشاهد انه ظل ينضح بمواقف قوية مستمدة من ارثه المهدوي الانصاري المليء بالمباديء السياسية الوطنية الراسخة في وجدان السودانيين منذ قيام الثورة المهدية وحتى الان.
ظللت متابعا بدقة شديدة لكل (حركات وثكنات..! ) وتصريحات ومواقف السيد الصادق المهدي منذ دخولي للعمل في المجال الصحفي قبل ١٤ عاما ..ففي العام ٢٠٠٦ تم تكليفي بواسطة رئيس قسم الاخبار بصحيفة راي الشعب بتغطية دوائر الاحزاب المعارضة ومنذ ذلك الوقت ظللت قريبا جدا من حزب الأمة القومي ورئيسه الراحل الصادق المهدي ..فبنيت علاقة متينة و متميزة معه ومع اسرته وانصاره زادها متانة العمل السياسي المشترك في تحالف قوى الاجماع الوطني والذي كنت مقررا للجنة اعلامه ابان تولي كريمته الدكتورة مريم الصادق المهدي لرئاسة اللجنة لسنوات عديدة، وطوال هذه السنوات كنت على صلة وتواصل دائم مع الزعيم الراحل سياسيا وصحفيا .. واتضح لي بعد فترة قصيرة جدا من العمل السياسي و الصحفي ان الصادق المهدي هو بمثابة (مؤشر ) السياسة السودانية بلا منازع ..! فالكفة التي يتجه اليها( المؤشر) تكون هي (المرجحة) للميزان السياسي في البلاد دائما ،ولذلك كنت (مهتما) جدا باخبار حزب الأمة وبعمل الحوارات واللقاءات الصحفية مع السيد الصادق المهدي وقيادات حزبه الاخرين .
في العام ٢٠٠٧ تعرضت لعملية اعتقال غريبة جدا من نوعها بواسطة جهاز امن النظام البائد ..حيث قام جلاوزة الامن باختطافي من الشارع العام ولم يخبروا اسرتي باعتقالهم لي الا بعد اسبوع ..وطوال ذلك الاسبوع المشؤوم كانت الاسرة قلقة للغاية ..ففجأهم الامام الصادق المهدي باتصال هاتفي وتحدث مع الوالد والوالدة و عندما خرجت بعد شهور قالت لي الوالدة ان اتصال الصادق المهدي بهم كان له اثرا عميقا عليهم .
بعد يوم من خروجي من المعتقل تفاجأت برقم دولي غريب يتصل علي .. رفعت سماعة التلفون فاذا بالمتصل هو الاستاذ محمد زكي السكرتير الخاص للسيد الصادق المهدي ..قال لي ( الو .. يامجاهد معاك محمد زكي من مدريد ..حمدا لله علي سلامتك ..اديك الامام عايز يتحمدل ليك السلامة ) تحدث معي السيد الامام اكثر من ٢٠ دقيقة ثم طلب أن يتحدث مع الوالدة والوالد ليطمئن عليهم .. وبعد عودته من مدريد زرته بمنزله بحي الملازمين بأمدرمان شاكرا له هذا الموقف الانساني العظيم مع الاسرة والذي يؤكد بانه رجل لاتفوت عليه مثل هذه المواقف الانسانية ..ولعل معرفتي بشخصية الامام الصادق جعلتني وحتى وأن مارست عليه نقدا في كتاباتي الصحفية لا اكون لاذعا فكنت اقف فقط عند الموضوع في النقد مبتعدا عن نقد الشخصية التي بت اعرفها جيدا .
هكذا كانت شخصية هذا الرجل الأمة .. متواضع تواضعا جما واجتماعي من طراز فريد مع كل السودانيين بكافة انتماءتهم السياسية والفكرية .. وبلا شك لكثيرين غيري قصصا وحكاوى ومواقف مع السيد الامام الراحل ، والملاحظ يجد أن سلوكه هذا انعكس بوضوح على اسرته ، فتجد ان آل بيت الامام هم الاكثر انفتاحا من البيوت التقليدية الاخرى على المجتمع السوداني ما جعل حزب الأمة القومي من اكثر الاحزاب السياسية السودانية (المعبرة ) تعبيرا حقيقيا عن الشارع السوداني .
واقول بملء فيء اليوم رحل اخر حكماء السودان ، رحل والسودان يعيش حالة من التوهان السياسي وفقدان البوصلة ..رحل والساحة ممتلئة بالعملاء والمرتزقة ومستجدي العمل العام ..!!! ..رحل ليترك كل السيناريوهات محتملة ..رحل الصادق المهدي ليترك موته حالة من الحزن ستستمر طويلا فهو الرجل الذي اكدت مواقفه الاخيرة انه صدق لمبادئه السياسية التي وضعها جده الامام الاكبر محمد احمد المهدي وسار عليها خليفته عبدالله التعايشي .. فظل الصادق المهدي عصيا على أن يباع او يشترى في سوق النخاسة السياسية القذر ..! ،رحل وكان ولاخر لحظة ينادي بلم شعث السودانيين رافضا لاقصاء اي كيان سياسي مؤمن بالحرية والتحول الديمقراطي ايمانا حقيقيا ، رحل الامام وكان اخر موقف له رفضه للتطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين والمسجد الأقصى .. وانني اعتقد جازما أن هذا الموقف الديني و الاخلاقي وحده كفيل بان يدخله الجنات العلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا .
العزاء لآل بيته وجموع قيادات حزب الأمة القومي وكيان الانصار وللسودانيين جميعهم في هذا فقدهم الجلل ونسأل الله أن يجعل الجنة مثواه ومسكنه كما نساله تعالى ان يكون خليفته سائرا على دربه متمسكا بمباديء الحركة المهدية السمحاء ااااامين يارب العالمين ..انا لله وانا اليه راجعون.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: