الطاهر ساتي يكتب: الفرح المؤجل..!!
إليكم
الطاهر ساتي
الفرح المؤجل..!!
:: لعلكم تذكرون، في العام 2017، عندما رفعت أمريكا عقوباتها عن بلادنا، فرح بعض المسؤولين بحماقة، وأصبحوا كالضيف الذي زار إحدى القرى في رمضان ووجد أهلها يبحثون عن الهلال، فبحث معهم ووجده، فصفقوا له، فانتشى ثم أشار إلى السماء مرة أخرى بمنتهى الحماقة قائلاً: (داك كمان هلال تاني).. وعلى سبيل مثال لخداع الناس، قال عبد الرحمن حسن، وكان محافظاً لبنك السودان عامئذٍ: (سوف يحس المواطن بآثار رفع العقوبات وتدفق النقد الأجنبي من أول أسبوع وطوال حياته).. ولم يشعر المواطن إلا بالمُعاناة وضنك الحياة..!!
:: واليوم، ليست من الحكمة السياسية، تصوير القرار المرتقب برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وكأنه (ليلة القدر) التي تحقق كل أحلام الشعب السوداني.. نعم، عودة السودان إلى المجتمع الدولي – نقياً – من أحلام الشعب، ويكاد أن يصبح هذا الحلم واقعاً.. وبعد العودة إلى المجتمع الدولي (نقياً)، نأمل أن تتعرف علينا دول العالم (من جديد)، وتعرف شعوبها بأن شعبنا أبعد ما يكون عن الإرهاب ورعايته، بل دفع ثمن الإرهاب حرباً وفقراً ونزوحاً وحصاراً وتمزقاً وقصفاً بالصواريخ..!!
:: وكما ذكرت في ذات زاوية، فإن عقلية الحمقى التي حكم بها المخلوع – وبطانته – هي التي حشرت البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب وغيرها من القوائم المنبوذة.. وهي ذات العقلية التي عزلت بلادنا عن دول العالم المتحضر، لأن المخلوع – وبطانة الهوس – أرادوها دولة معزولة كما المُصاب بالطاعون.. ومع ذلك، فإن التفسير السليم لرفع اسم بلادنا من قائمة الإرهاب هو أن هذا الرفع ما هو إلا وسيلة لو أحسنت الحكومة استغلالها سوف تؤدي إلى غايات الشعب المنشودة..!!
:: نعم تأثرت البلاد بكل العقوبات الأمريكية، ومنها عقوبة الوضع في قائمة الإرهاب، ولكن تأثر البلاد واقتصادها بعوامل داخلية كان – ولا يزال – هو الأخطر في حياة الشعب.. فالسياسات الداخلية لأي بلد حين تكون مختلة تعد أخطر من العقوبات الأجنبية.. والشاهد أن الوضع السياسي في بلادنا مأزوم، ولا يزال في مرحلة حرجة للغاية.. وعلينا تجاوز هذه المرحلة سريعاً نحو واقع أفضل تسود فيه روح الحرية والديمقراطية والعدالة والسلام..!!
:: وكما تعلمون فالاستثمار – أجنبياً كان أو وطنياً – بحاجة إلى استقرار سياسي ودولة مؤسسات، وليس فقط إلى رفع اسم بلادنا من قائمة الإرهاب.. والدليل على ذلك، بعد نيفاشا، لم تحافظ البلاد على فيالق المستثمرين التي توافدت إلى بلادنا رغم الحصار الأمريكي.. فالحرب والصراعات السياسية وقبح القوانين وتقاطع المصالح – والجوكية والسماسرة – ساهمت في هروبهم.. وعليه، فمع الفرح برفع اسم بلادنا من قائمة الإرهاب، علينا الإيمان بأن الإنتاج هو الفرح الأكبر والمؤجل الذي يجب أن يسعى إليه الجميع..!!
نقلاً عن (الصيحة)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.