باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

د. عبد اللطيف البوني يكتب: إسقاط مرتبات البدوي

1٬372

حاطب ليل

د. عبد اللطيف البوني

إسقاط مرتبات البدوي

(1)

الذي يحول بين السودان وموارده الاقتصادية المهولة هو بعد غياب النظرة الاستراتيجية للسياسات المالية وهي التي تعنى بالإدارة المباشرة للموارد، لذلك لا نبعد النجعة اذا قلنا ان الطواقم التي تدير المال هي المسؤولة مباشرة عن عدم استغلال الموارد الهائلة وأذهب الى أكثر من ذلك وأقول ان بلادنا ومنذ استقلالها لم تحظ باقتصاديين تنفيذيين عملوا على إخراج اقتصاد البلاد من الصندوق الذي صممه المستعمر، لذلك ظل التراجع الاقتصادي هو السمة المميزة لمسيرتنا منذ الاستقلال والى يوم الناس هذا، ومع ذلك يمكننا ان نفرق بين نوعين من الوزراء الاقتصاديين الماليين , نوع مارس فن الممكن في إطار الصندوق ولم يكبد البلاد خسائر كبيرة بعبارة كان التراجع في فترته بمتوالية عددية، وهناك نوع كارثي كان التراجع في فترته بمتوالية هندسية، يعني في الحالتين كنا متراجعين ولكن حنانيك ان بعض الشر أهون من بعض.

(2)

بدون أي تردد يمكنني ان أضع الدكتور ابراهيم البدوي في النوع الثاني وذلك اعتمادا على قصر فترته وضخامة جلائطه والكلام هنا عن سياساته التي طبقها وليس عن شخصه الكريم فهو رجل أكاديمي وخبير دولي وعالم في مجاله ومكان احترامنا، لكننا نتكلم عن سياسته التي طبقها ومازال نزيفها يزداد يوما بعد يوم.

فالسيد البدوي أخطأ التقدير في فهمه للعالم الخارجي أي ما اصطلح عليهم بأصدقاء السودان او المانحين او الشركاء سمهم ما شئت، فالمقصود بهم هم الذين دقوا صدورهم وقالوا لحكومة الثورة أي الانتقالية إنهم جاهزون لمساعدتها فأحسن البدوي الظن بهم وصدقهم (طبعا المؤمن صديق) وقالها صراحة ان كل الميزانية سوف تمول من جانبهم بيد أنهم في ذات الوقت تبنوا شروط صندوق النقد الدولي من تعويم للجنيه ورفع دعم وخروج الدولة من الأنشطة الاقتصادية، بينما حاضنة الحكومة وقفت ألفا أحمر لهم وهنا وجد البدوي نفسه بين نارين نار الأصدقاء الشركاء المانحين، ونار الحاضنين فبحكم تكوينه الفكري والعملي انحاز للأوائل وبدأ في التطبيق الجزئي لسياسة الصندوق ليضع الطرفين أمام الأمر الواقع، فالمطلوب من الأوائل الدعم ومن الآخرين الرضوخ وترك المقاومة، لكن للأسف خذله أصحابه وطالبوه بالوصفة كاملة وفكوه عكس الهواء.

(3)

كتطبيق عملي لما ذهبنا اليه أعلاه كان زيادة المرتبات تلك الزيادة المهولة في وقت كان كل شيء فيه يتراجع على كافة الصعد داخليا وإقليميا وعالميا بسبب جائحة كورونا ناهيك عن ظروف البلاد المعروفة حتى للناس العاديين ناهيك عن المشتغلين بالاقتصاد، لقد كان البدوي يظن ان الزيادة سوف ترضي ناس الحاضنة ويسمحوا له بسحب الدعم من الوقود والخبز والكهرباء والدواء مما يرضي المانحين، فالرجل أراد ان يلعب بوليتيكا وهو الاقتصادي القح فكانت الزيادة في المرتبات ولم يتم سحب الدعم ولم ينساب مال المانحين وهاج غول السوق ووصل التضخم أرقاما فلكية وأصبحت بلادنا ثالثة اثنين في الغلاء هما زيمبابوي وفنزويلا وانحط الجنيه السوداني الى أسفل سافلين . من الآخر كدا يا جماعة الخير الحكاية كدا ما بتمشي وقد اتضح للجميع ان زيادة المرتبات وبتلك النسبة كانت كارثة، فالحل بأيدينا نحن أصحاب المرتبات فطالما استبان لنا خطلها وعوارها فلماذا نصر عليها؟ وبقية الكلام ليكم.

نقلاً عن (السوداني)

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: