يحتفل السودانيون غدا السبت مع أشقائهم شعب جنوب السودان في جوبا بتوقيع إتفاقية السلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، هذا التوقيع يجب أن نشكر عليه بكل الحب والتقدير جنوب السودان حكومة وشعبا، فالعلائق التاريخية التي ضمتنا كشعب واحد مستقل منذ عام ١٩٥٦ وحتى عام ٢٠١١ ستظل تربطنا معا عبر الحاضر والمستقبل وفاءا لتاريخنا المشترك ولانتماءنا الطبيعي لأرض النيل والغابة والصحراء.
في الوقت الذي يحتفل معنا شعب جنوب السودان وحكومته فرحا بتوقيع اتفاقية السلام، قرأت ان بعض ابناء شعبنا وجهت لهم الدعوة للمشاركة في احتفال توقيع اتفاقية السلام بجوبا فرفضوا !! هل تصدقون هذا؟!! هل مكتوب علي شعبنا أن يعيش في النكد حتى في لحظات الفرح القومية؟! لماذا يريد البعض أن يصادر فرحة السلام، ويحولها إلى تعاسة وإحباط؟! لماذا يريدون لتعاستهم وإحباطهم الذاتي ان يمتد لكل الشعب؟ لماذا لا يريدون لشعبنا ان يفرح الا اذا كانوا هم من يصنعون الفرح؟!. أمثال هؤلاء هم عار على بلادنا وشعبنا، ونقطة سوداء في تاريخ أمتنا، إذ كيف يرفض شخص او حزب سياسي أو لجنة مقاومة الفرح بالسلام والاحتفال به؟!! هل يريدون استمرار الحرب؟ هم طبعا جميعهم من الخرطوم لا يدفعون ثمنا مباشرا لهذه الحرب لذلك يملكون ترف الوقوف أمام اتفاقية السلام!! أي بؤس هذا ؟! مهما كانت المآخذ والسلبيات فإن توقيع اتفاق سلام ناقص ومعيب خير من الحرب وويلاتها.
الرافضون الذين احتشدت برفضهم صفحات الوسائط ثلاثة، أولهم الفنان ابو عركي البخيت، رفض المشاركة والغناء في اتفاقية السلام بحجة أنه قد تم تجاوزه في الماضي وان الشعب يعاني!! هل هذا فنان فعلا ويحمل رسالة للحب والسلام؟! هل كون أن الشعب يعاني ان تزيد عليه معاناته بعدم توقيع اتفاق السلام؟ وهل مشروعك الشخصي كفنان أهم من مشروع الوطن في السلام!!. ثانيهم لجنة مقاومة بري، رفض المشاركة بحجة عدم مشاركة لجان المقاومة في التفاوض!! هل بالفعل تمثل هذه اللجنة أهل بري الذين ظلوا يهتفون عبر الثورة بهتافات السلام وبهتاف كل البلد دارفور؟ أين دارفور الآن من هذا الرفض الأجوف؟ أم كانت شعاراتهم وهتافتهم لدارفور مجرد شعارات والسلام!! وهل عدم مشاركة لجان المقاومة في جلسات السلام مدعاة لتحويل فرح الشعب بالسلام إلى نكد وإحباط؟!. وثالثهم بيان الحزب الشيوعي الذي حول الاتفاقية من اتفاقية سلام إلى غزو إمبريالي تستهدف به النخب الجديدة السيطرة على البلد!! وبالطبع هو مجرد بيان يدافع به الحزب الشيوعي عن مكاسبه في السلطة الحالية ويخاف من ضياعها ويناور بهذا الخطاب للحفاظ عليها.
لا أدري هل أن يأتي الرفض متزامنا لتوقيع اتفاقية السلام من ابوعركي البخيت ولجنة مقاومة بري والحزب الشيوعي، هل هو مجرد مصادفة؟ ام ان هناك رابطا يجمع الثلاثة، رابطا ايدولوجيا يقف ضد توقيع اتفاق السلام، هل هذا الرفض الثلاثي جزء من رفض سياسي ايدولوجي مخطط له من أجل إفشال عملية السلام التي تمت في جوبا لذلك تم نشره بصورة واسعه في الوسائط والاسافير؟! ام ان الامر مجرد مصادفة عابرة!. سواء كان رفضا متفق عليه او مصادفة، فإن هذا الرفض الثلاثي لاتفاق سلام وطني يثبت للجميع أن بعض مجموعات شعبنا معطوبة وإنتهازية، ترفع شعارات السلام من أجل الكسب الذاتي والسياسي فقط، وحين يتم توقيع السلام بدون وجودها، ترفضه وتخاصمه وتزعل ( وتحرد ) المشاركة في التوقيع، هذه الممارسات الطفولية هي أساس فشلنا المستمر في إقامة سلام مستدام، عجزنا عن الضغط على مشاعرنا واجندتنا الذاتية والسياسية من أجل مصلحة الوطن واللاجئين والنازحين وضحايا الحروب هو كارثة ستنسف كل اتفاقيات السلام.
مهما كانت الملاحظات على اتفاقية سلام جوبا فهي مرحب بها، أي جهد يسهم في إيقاف الحرب وإحلال السلام مرحبا به، مرحبا بالسلام وشكرا لطاقم الحكومة والحركات المسلحة المفاوض على إنجاز اول اتفاق سلام في ظل حكومة انتقالية سودانية جاءت بعد ثورة شعبية، مرحبا بالسلام وفي الوطن متسع بإذن الله من أجل تمتين عرى السلام ومعالجة مشاكل الاتفاقيات وخاصة عبر المؤتمرات القومية وعلى رأسها المؤتمر الدستوري، وكما قال بنجامين فرانكلين ( لم يكن هناك ابدا حرب جيدة أو سلام سيء ).
يوسف السندي
sondy25@gmail.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.