ضياء الدين بلال يكتب: (تقرير المصير)… للجميع!
العين الثالثة
ضياء الدين بلال
(تقرير المصير)… للجميع!
-١-
مع كل محاولات التجميل السياسي التي يقوم بها البعض،يبدو موقف عبد العزيز الحلو كامل الوضوح.
الرجل في كل مخاطباته المكتوبة والشفاهية، لا يقدم حروفا بلا نقاط، هو دوما يصرح ولا يلمح ويباشر ولا يداري.
رؤية الحلو وموقفه بسيط ومباشر وخال من التعقيد والغموض:
عليكم الفصل بين الدين والدولة، وإذا لم تفعلوا ذلك ،سيكون خيارنا تقرير المصير، وفي حال تعذر الخيارين، هي الحرب لا بديل !
موقف الحلو يجد مساندة وتأييدا من بعض القوى السياسية ،ويعتبر موقف حزب المؤتمر السوداني الأوضح في ذلك.
-٢-
علينا افتراض استسلام السلطة الآن لرغبة الحلو، وتم فصل الدين عن الدولة، كما يريد ويبتغي.
ما الذي يمنع مناطق وجهات أخرى بتقديم ذات الطلب (حق تقرير المصير)، لتحقيق أهداف أخرى غير العلمانية؟! إذا كان ثابتا لديهم بالتجربة العملية فاعليته في تحقيق المراد، وإنجاز المهام؟!
حق تقرير المصير، ليس كعود الثقاب ،يستخدم مرة واحدة فقط، بل هو قابل للاستخدام عدة مرات، كما أنه سريع العدوى ينتقل مع الرياح.
-٣-
بتلك الموافقة على رغبة الحلو، ستكون حكومة الثورة سارت في ذات طريق حكومة الإنقاذ، الخضوع لإرادة السلاح،للحفاظ على المقاعد.
ذلك الأمر لا يحقق سلاماً ،بل سيستديم أجواء الحرب ويجعل من كرت التمرد المسلح دائمَ الفاعلية وعابراً للأزمنةِ والحكومات.
ذلك الخضوع ستترتب عليه استدامة وجود السلاح في الممارسة السياسية، رغم شعارات المدنية والديمقراطية.
إذا كان بمقدور أي جهة تحقيق مرادها عبر وسيلة محددة، ما الذي يجعلها تتنازل عن تلك الوسيلة الفاعلة والناجزة؟ وما الذي يمنع غيرها بألا يقتدي بها؟!
لا فرق بين فرض التشريعات الإسلامية عبر سلطة جعفر نميري الاستبدادية،وفرض العلمانية ببندقية عبد العزيز الحلو!
السلاح هو القاسم المشترك بين الاثنين.
الاستجابة لرغبة الحلو ستدفع بمن هم على غير موقفه، لاستخدام السلاح لربط الدين بالدولة مرة أخرى!
هكذا سيمنح السلاح مشروعية الاستمرار والاستخدام الدائم في الممارسة السياسية!
-٤-
قد يأتي سؤال موضوعي: طيب ما هو الخيار لإبطال فاعلية ذلك الكرت الابتزازي؟!
بالمنطق، الدولة السودانية– بغض النظر عن مَن يُسيطر على مركز حكمها– لم تعد قادرة على فرض إرادتهابالقوة على أي جزء من السودان، حتى لو طالبت أمبدة او كافوري بالانفصال!
كما أن حالة الوطن الصحية لم تعد تحتمل جراحات جديدة، ولا الضمير العالمي سيقبل سيل مزيد من الدماء في السودان من أجل الحفاظ على الوحدة.
-٥-
لتجاوز ذلك علينا: منح جميع أجزاء السودان حق تقرير المصير، بالعودة الى منصة التأسيس.
لا وحدة قهرية، إما الوجود الطوعي تحت سقف الوطن بالرضاء والاختيار، أو مغادرته لخيار آخر دون حرب ودماء.
نعم، كل مناطق السودان لا تمتلك مقومات تكوين دول قابلة للحياة، كما أن تجربة جنوب السودان غير مغرية بالتكرار.
بذلك سيغلق باب الابتزاز بكرت تقرير المصير، وستنتهي فاعليته في الحصول على الغنائم والمناصب وفرض الآراء .
افتحوا الأبواب أمام الجميع.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.