لم تنشر بعد وثيقة اتفاق السلام مع الجبهة الثورية، بينما هناك نصوص متداولة، وأكثر المتداول من هذا الاتفاق هو حول اتفاق اتفاق تقاسم السلطة فقط، أشهر بند متداول هو بند زيادة امد الفترة الانتقالية لتبدأ عند التوقيع للاتفاق ولمدة ٣٩ شهرا!!! اذا صح هذا البند فهو نص متجاوز للوثيقة الدستورية ومتعد عليها، وهو بند غريب لأنه يجعل امد الفترة الانتقالية حوالي أربعة سنوات ونصف، وهي فترة طويلة جدا على الانتقال السياسي، كما أن كل مطلع سيسأل وكم سنة سيضيف الاتفاق مع الحلو؟ وكم سنة سيضيف الاتفاق مع عبدالواحد محمد نور؟ يبدو أن المفاوض الحكومي مستعد ل ( مط ) الفترة الانتقالية هذه إلى ما شاء الله وبلا حساب.
الحديث المتداول عن حكم ذاتي للمنطقتين، جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، إذ صح فهو سيمثل ضربة لاحلام عبدالعزيز الحلو وتجمع المهنيين الشيوعي ومشروعهما العلماني، فالحكم الذاتي يمكن أهل هذه المناطق من اختيار التشريع الذي يريدون وطريقة الحياة التي يفضلون، وبالتالي يخرج بقية السودان من المساومة الخاسرة لعبدالعزيز الحلو الذي خير الشعب السوداني بين العلمانية وتقرير المصير.
هناك قضايا وخطوات مهمة ومصيرية يستلزم الشروع فيها مباشرة بعد توقيع اتفاق السلام، حتى يتم تمهيد الأوضاع وتهيئة البيئة السياسية لتكون بيئة حاضنة للسلام وداعمه له ومتحدة في نفسها وخلف مشاريعها وفي مطلعها السلام، هذه القضايا مهمة كذلك من أجل تجويد العمل في الحكومة الانتقالية وإغلاق الباب أمام الخلافات المتكررة في الحاضنة وحكومتها، ويأتي على مقدمة هذه القضايا الملحة انعقاد المؤتمر الاساسي لقوى الحرية والتغيير، من أجل توحيد الحاضنة السياسية وتوحيد خطها السياسي وهيكلتها وضبطها، وتحويلها من تحالف مترهل غير مفهوم وغير واضح إلى جبهة ذات قيادة معروفة ولوائح مكتوبة ورؤية سياسية مسؤلة ومنشورة، تتابع باستمرار هموم الجماهير وتوجد الاجابات الصحيحة لأسئلتهم.
من القضايا المهمة كذلك تحويل الوثيقة الدستورية من وثيقة إلى دستور انتقالي كامل، لا يترك شاردة ولا واردة الا استوعبها، على أن يشارك في إعداد هذا الدستور كل الثوار وكياناتهم واحزابهم، لا فرق بين هذا وذاك. كذلك من المهم إقامة المؤتمر القومي الاقتصادي للاتفاق على رؤية اقتصادية وطنية موحدة، بدل الخلاف الحالي بين مجلس الوزراء ولجنة قحت الاقتصادية، وهو خلاف محبط جدا ويصور لجنة قحت بانها مجرد ورم يساري متضخم لا يعيش في هذا العالم ولا ينتمى الى اليوم ولا المستقبل.
إقامة المؤتمر القومي للتعليم ضروري هو الاخر للاتفاق على أسس منهجية للتعليم، أسس منهجية قومية وولائية وخاصة في مناطق الحرب، وسيكون من شأن هذا المؤتمر إيقاف التراشق مع إدارة المناهج الحالي برئاستها المثيرة للجدل.
إقامة المؤتمر القومي للعلاقات الخارجية ضرورة اخرى من اجل تحديد وجهة البلد الخارجية وضبط العلاقة مع الخارج ، وهي خطوة من شأنها انهاء الاضطراب الحالي بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء في العلاقة مع إسرائيل مثلا، وعلاقة السودان مع جيرانه العرب وجيرانه الأفارقة. ثم يأتي تكوين المجلس التشريعي، ليكون تتويجا لهذه الجهود، ليضلع المجلس بامور التشريع ومراقبة الأداء الحكومي ورعاية الدستور الانتقالي والحفاظ على الرؤية القومية المنبعثة من المؤتمرات القومية.
قسمة السلطة لا معنى لها إن لم تكن هناك برامج حقيقية لتنمية سريعة في مناطق الحرب وتوفير عاجل للحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطنين الذين نزحوا داخل السودان، وتصميم برنامج عودة مناسب لمن لجأوا لخارج السودان، وبناء الامل في الغد وزراعة التفاؤل، والعمل الجاد من أجل تحقيق أهداف الجماهير.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.