في أوقات الشدة، تظهر معادن الناس وأخلاقهم.. يشعر البعض أن الابتلاءات لا يُستثنى منها أحد في الدنيا، وذات يوم سيحتاجون إلى تضامن الناس ومؤازرتهم وتخفيف أحزانهم، وإلى دعمهم المادي والمعنوي، فما تقدمه اليوم ستحصده غداً..
فيما يخسر آخرون بأفعالهم السيئة الكثير، حينما يستثمرون في مآسي الناس وأوجاعهم، متناسين أن الدنيا “دوراة” وكما تدين تُدان.
الفيضانات التي غمرت مناطق لأول مرة منذ مئة عام، كانت كارثة بكل المقاييس.
المشاهد مؤلمة ومحزنة، أن تضطر الأسر الآمنة إلى مغادرة منازلها بعد محاصرة مياه الفيضان لها.
يفتح الكثيرون أبوابهم للمستغيثين والمتضررين، يساعدونهم بالمأوى والغذاء والدواء، يجمعون لهم المال ويشترون الخيم، وإن لم يجدوا شيئاً بالدعاء والابتسامة..
أما الآخرون السيئون الأنانيون، فيسيل لعابهم لكسب بضعة آلاف من الجنيهات، فيرفعون مثلاً من أسعار “الجولات الترابية” للضعف، رغم أن “التراب هو التراب”، متوفرٌ كما كان، لا يغلو سعره هكذا إلا في السودان..!
كلما حدثت أزمة ظهر المستثمرون في أوجاع الناس.. وهرب أصحاب المسؤوليات من واجباتهم.
كانت حاجة المناطق المتضررة في البدء “جوالات ترابية” تمنع تسرب المياه إلى البيوت البعيدة من الفيضان، لكن قفزت الأسعار فجأة، دون رقيب على الأسواق.
حالة الاستنفار أقل جداً من المطلوب، والخطر مازال ماثلاً في أحياء عديدة، خاصةً بعد تحذيرات وزارة الري، وهو ما يشير بصورة واضحة إلى أن خللاً ما يصاحب عمل الجهاز التنفيذي.
كان الظن على أقل تقدير هو تشكيل لجنة طوارئ للفيضان توزع المهام وتحدد المسؤوليات بين مؤسسات الدولة، فضلاً عن إيجاد آلية سريعة لجمع التبرعات والاحتياجات الأساسية وإيصالها للمحتاجين حسب تضررهم، وليس آخراً فرض رقابة على سلع أساسية معينة وقت الكوارث وإعلان العقوبة على أي مستثمر في أسعارها.
جميعنا يعلم أن الفيضانات هي من الكوارث الطبيعية لكن ذلك لا يعني البتة، عدم مسؤولية البشر تجاهها، والاكتفاء بترديد “قضاء وقدر”.. إنما هي مسؤولية تشاركية جماعية بين مؤسسات الدولة أولاً والمجتمع ثانياً.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.