أعلن في الايام الفائته عن تكوين ما يعرف بالرابطة الوطنية لدعم القوات المسلحة، وبعيدا عن الاتهام الجاهز الذي نرميه على كل تحرك يهدد حكومة الثورة بوصفه بأن خلفه كيزان، دعونا نناقش الأسباب الموضوعية التي جعلت البعض مهما كانت خلفيتهم السياسية واجندتهم ضد الثورة يخرجون للعلن وينادون بالدفاع عن القوات المسلحة رغم معرفتهم بأن القوات المسلحة جزء من الحكومة وشريكة مع قوى الحرية والتغيير ، وأول مدخل لهذه المناقشة دعونا نتسأل هل الشراكة العسكرية المدنية بخير؟ هل الثقة متوفرة بين الطرفين؟ ماهي الأسباب التي تبدد هذه الثقة؟ هل الشراكة قابلة للاستمرار وعبور المطبات ام هي مجرد حلف واه كخيط العنكبوت؟
القوات المسلحة رضينا ام أبينا قد انحازت إلى الثورة بهيئتها العليا وعزلت المخلوع، وحفظت بانحيازها عبر هيئتها العليا وليس عبر ضباط من الرتب الصغيرة، حفظت البلاد من الانقسام داخل الجيش والذي لو حدث لانزلقت البلاد إلى سيناريو مشابه لما يحدث في سوريا وليبيا، حيث يصطف تيار من الجيش مع السلطة وتيار من الجيش مع الجماهير، وتبدأ بينهما الحرب، ووقتها لن تكون هناك مواكب سلمية ولا حكومة انتقالية بل ستتحول الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة ومحل الحكومة الانتقالية سيظهر الفراغ الدستوري والحرب والدمار، هذا هو المشهد الذي كان يمكن أن يحدث لولا انحياز الجيش بدون تزييف وبلا أي خداع للنفس، لولا انحياز الجيش بهيئته العليا لما وصلنا إلى هنا سالمين ولما انتصرت الثورة و لو ظل اعتصام القيادة سنينا عددا امام بوابات الجيش. هذه الحقائق أوضح من أن يعاد تذكير الناس بها كل مرة، ومستغرب جدا للادعاء الزائف والكبرياء الاعمى بعدم حدوثها. والمؤسف أن الحقيقة الناصعة أعلاه تعرضت لتحريف متعمد، واجتهدت بعض التيارات السياسية في تشويهها ودغمستها على الجماهير، وهي في ذلك لا تريد خدمة الثورة ولا مستقبل البلد وإنما تريد خدمة أجندتها الذاتية وأيدولوجيتها المعزولة من الجماهير .
انحازت القوات المسلحة بكامل هيئتها في ١١ ابريل وحين رفض الشارع بعض القيادات العليا مثل ابن عوف استجاب الجيش مرة اخرى وسحب هذه القيادات، ولكن الشيطنة التي بدأت منذ تلك اللحظة للقوات المسلحة لم تتوقف ابدا، وقادت إلى إحداث ٨ رمضان و١٠ رمضان وفض الاعتصام و٣٠ يونيو، دماء عزيزة أهدرت في سبيل إكمال شيطنة الجيش وشيطنة التيار المدني الذي دعم الشراكة ودعا الى الدفاع عنها لا تشويهها وإلى الصدق فيها لا المكر بها وإلى التعامل معها تعامل المؤمنين لا تعامل المنافقين الذين يظهرون ما لا يضمرون وهو تيار حاول البعض شيطنته بتسميته بتيار الهبوط الناعم!! هذه الشيطنة اعطت المبرر الموضوعي للعساكر ولكل صاحب أجندة مخالفة لقوى الحرية والتغيير في اتخاذ مواقف مضادة تحفظ لهم وجودهم، ومن هنا تسربت هذه الرابطة المزعومة لتكون لغما جديدا في مسيرة التغيير.
الجيش الآن شريك في السلطة ووافق ضمن الوثيقة الدستورية على تكوين لجان تحقيق مستقلة للتحقيق في كل الانتهاكات التي حدثت في فض الاعتصام وغيره، فماذا يفعل أكثر من هذا؟ ماذا يفعل أكثر من أن يقف مع الجميع امام القضاء وليقل القضاء كلمته، أليست هذه هي دولة القانون؟ ام ان البعض يريدونها ثورة بلشفية ويريدون لينينا جديدا وستالينا جديدا يشنق لهم البرهان وكباشي وحميدتي والصادق المهدي وعمر الدقير!! هؤلاء الساذجين لا يفهمون ان هذه البلاد اذا لم تساس بطريقة تحفظ توازن العبور نحو الانتخابات سوف تنزلق إلى مجهول لا يعرف أحد ما هو وإلى ماذا يقود، ولكن الجميع يعلم أنه مجهولا أسوا من الواقع الراهن بآلاف المرات.
بدل أن نستنكر تكوين البعض لرابطة دفاع عن القوات المسلحة، علينا اولا كشركاء لهذه القوات المسلحة ان نكون على قدر العهد معها، إن العهد كان مسئولا، التراشقات والاتهامات للعسكر التي تطلق جذافا من الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين الشيوعي بصورة متكررة وبايخة لا يفعلها سواهما في قوى الحرية والتغيير ومن ثم ذهاب تجمع المهنيين الشيوعي للتوقيع مع الحلو للاستقواء ببندقيته على القوات المسلحة الشريكة في الحكم، كلها مهددات سياسية خطيرة للشراكة ومهددات لنسف سلام الفترة الانتقالية، وهي ممارسات ضارة تستوجب من فصائل قحت الأخرى إيقاف هذا الحزب وشلته التي اختطفت تجمع المهنيين عند حدهم، والتأكيد على مباديء الشراكة الراهنة مع الجيش والالتزام بها للعبور بالبلاد نحو إقامة انتخابات حرة وديمقراطية، ووقتها فلينفذ من يفوز من السياسيين برنامجه الذي صوتت له الجماهير.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.