الطاهر ساتي يكتب: قَبل الغَرَق..!!
إليكم
الطاهر ساتي
قَبل الغَرَق..!!
:: ليس أنصار النظام المخلوع فحسب، بل كل ذي لسان وشفتين في قِوى الحرية والتغيير صار يُهاجم الحكومة ويصفها بالفشل أو بالضعف.. والشّعب في حِيرةٍ من أمره، كَمَا حَال مالك بن دينار.. يُحكى أنّ الإمام مالك بن دينار قَد خَطَبَ في الناس وصَلّى بهم – ذات جُمعة – حتى أبكاهم جميعاً.. ثم بحث عن مصحفه ولم يجده، فصاح فيهم: (ويحكم، كلكم يبكي فمَن سرق المُصحف؟)..!!
:: أي ويحكم، كُلكم يصرخ في وجه الحكومة، فمَن اختار رئيس وزراء هذه الحكومة؟، ومَن رشّح وزراء هذه الحكومة لرئيس الوزراء؟ ومَن رشّح ولاة الولايات..؟ أو هكذا لسان حال الشعب المنكوب بمواقف وتناقُضات زعماء قِوى الحُرية والتّغيير وتجمُّع المهنيين.. فالسادة بقِوى الحُرية وتجمُّع المهنيين، كلما ارتفع سعر الدولار، يقلبون ظهر المَجَن لحكومتهم، وكأنّهم قدّموا حُلُولاً لحكومتهم، فرفضتها..!!
:: لم يُقدِّموا حُلُولاً للحكومة، بل ترقّبوا ليلة القدر المُسمّاة بالمؤتمر الاقتصادي، وإلى يومنا هذا لا يملكون من الحُلُول غير الحديث عن عصا موسى المُلقّب بالمؤتمر الاقتصادي.. كاد مجلس الوزراء أن يبدأ ترشيد الدعم في يناير، ولم يكن سعر الدولار كَمَا اليوم (فلكياً)، ولكنه تَرَاجَع بأمر زعماء قِوى الحُرية، لحين عَقد مُؤتمرهم الاقتصادي.. وحَدّدوا شهر مارس مَوعداً لعقد هذا المُؤتمر، وعجزوا عن عقده.. ثُمّ حدّدوا شهر يونيو، وفشلوا في عقده..!!
:: تأمّلوا، فالسّادة الذين فشلوا وعجزوا عن عقد مُجرّد مؤتمر اقتصادي هم الذين يصفون رئيس الوزراء بالعجز والفشل.. ولعلكم تذكرون، قالها رئيس الوزراء حمدوك، مُخاطباً الجالية السودانية بالرياض، بأنّه لم يتسلّم أيّة خُطة عن الفترة الانتقالية من قِوى الحُرية والتّغيير، وهذا يعني عدم وجود خُطة أو برنامج.. يبدو أن قِوى الحُرية تَفَاجأت بالثورة، ثُمّ تَفاجأت بسُقُوط نظام البشير..!!
:: ليس هذا فحسب، بل تَفاجأت قِوى الحُرية بحكومة حمدوك أيضاً، ولذلك عجزت عن تسليمها خُطة شاملة لكل قضايا البلاد، بما فيها الأزمة الاقتصادية.. والمُؤسف أنّ قِوى الحُرية، وخَاصّةً التي تصف الحكومة بالعجز والفشل، ليست فقط عَاجزة عن تقديم الحُلُول لقضايا البلاد، والتي منها الاقتصادية، بل ترفض حُلُول حكومتها أيضاً، وتتدخّل في ما لا يَعنيها، رفعاً للدعم كَانَ أو إدارة لأيّة أزمة.. لا تُقدِّم حُلُولها، ثُمّ ترفض حُلُول حكومتها.. بأيِّ عقلٍ نستوعب هذا الخَطل..؟؟
:: كُنّا نأمل أن تكون قِوى الحِرية شراعاً – ودفّة قيادة – لحكومتها، حتى يعبر بها الشعب هذه المرحلة بأمَانٍ وسَلامٍ.. ولكن، كما تعكس بيانات وتصريحات وتناقُضات سادتها، فإنّ قِوى الحُرية بمثابة إعصار للحكومة.. لقد ضحّى الشعب كثيراً وصَبَرَ، وكان يجب أن يرتقي كُلّ المسؤولين بقِوى الحُرية والتّغيير إلى مُستوى المَسؤولية، بحيث يكون جُهدهم مُوازياً لصبر الشعب وتضحياتهم..!!
:: وليس من المسؤولية إضعاف الحكومة لحَد منعها حتى عن وضع مُوازنة العام، وهذا ما لم يحدث في تاريخ الحكومات.. فالمُوازنة تعني أنّ هناك خُطة لإدارة الموارد، وعدم وجودها يعني أنّ حَال الحكومة كحال (مُركب على الله) التي تبحر به بلا شراع وبلا دفة قيادة، أي حيث تشاء (الأمواج).. أحياناَ ترسى على الشاطئ الآخر، وتارةً تلف وتدور – حول نفسها – ثُمّ تعود إلى ذات الشاطئ الذي تَحَرّكَ منه، أو تغرق.. وإذا أراد حمدوك العُبُور بالناس والبلد إلى بَرّ الأمان، فعليه استبدال (مُركب على الله) بمركب الشعب.. عاجلاً.. أي قبل أن تغرق ويغرق..!!
نقلاً عن (الصيحة)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.