الطاهر ساتي يكتب: مُعتصمون بلا قضية..!!
إليكم
الطاهر ساتي
مُعتصمون بلا قضية..!!
:: بعد تشكيل حُكومة الثورة بأسابيع، كتبت بالنص: قريباً، سوف تُفاجأ حكومة حمدوك بأن حفر بئر نفط في أدغال الجنوب يستدعي (إذن الناظر)، وأن زَرْع حوض برسيمٍ في فيافي الشمال التي لم تطأها أقدام إنس ولا جان، قد يستدعِي (موافقة العُمدة)، وأنّ تركيب مصنع أسمنت على حافّة جبل بالبحر الأحمر قد يستدعي دخول المُستثمرين إلى قاعات المحاكِم مع الأهالي.. وهكذا.. لم نسأل أنفسنا، أين تنتهي حدود مِلكيّة الفرد للأرض، بحيث تبدأ حدود ملكية الدولة والشعب..؟؟
:: للأسف في بلادنا لا تنتهي هذه الحدود، ولذلك – باسم الأهالي – أصبحت الفوضى هي سيدة الموقف في قطاع الاستثمار.. واليوم، على سبيل المثال الراهن، فيما تتسوّل حكومة بلادنا في مؤتمر أصدقاء السودان بالرياض، وتبحث عن دُرَيهِمات تسدّ بها فجوة الميزانية، تتحدَّث أخبار الشمالية عن زيارة والي الشمالية آمال محمد عز الدين للمعتصمين عند مدخل شركة أمطار، وهم بعض أهالي الدبة، ومُحرِّضهم الكبير المدير التنفيذي بالمحلية..!!
:: زارتهم والي الشمالية، ثُمّ زارت الشركة والمشروع.. ولو لم يعتصموا أمام مدخله، لما زارت الوالي هذا المشروع، ولما تفقّدت أحوال ومتاعب الاستثمار في تلك الفيافي.. ولعلكم تذكرون بأن وزير المالية السابق إبراهيم البدوي، منذ تعيينه وحتى استقالته، لم يزر مشروعاً من مشاريع القطاع الخاص، ولم يُبادر بجمع المستثمرين ويسمع منهم متاعب الاستثمار والمُعيقات، وما أكثرها.. ومن المُعيقات ما يحدث لمشروع أمطار بمحلية الدبة حالياً باسم الأهالي، بحُجة أن الشركة أعادت تصدير مصنع خراطيم..!!
:: عندما قررت شركة جنان تغيير نظام الري في مشروع أمطار، فكّرت في الاستفادة من مصنع الخراطيم، وذلك بتشغيله – في السودان – لصالح المشاريع الأخرى، أي كمشروع استثماري آخر بجانب أمطار.. ولكن رفض اتحاد الغرفة الصناعية هذا المشروع، بحجة أن المصنع خاصٌ بمشروع زراعي، ولم يتم استيراده للاستثمار.. وبعد هذا الرفض المُريب، قررت الشركة إعادة تصدير مصنعها لأحد مشاريعها بمصر، أي كما فعلت بفسائل النخيل حين تآمر عليها أعداء الاستثمار – وبعض السُّذّج – وحرقوها..!!
:: فليكن السؤال، ما الذين يُغضب المُعتصمين في إعادة تصدير مصنع هم ليسوا بمُساهمين فيه؟، ولماذا لم يغضبوا – ويعتصموا – عندما رفضت السلطات التصديق بتشغيله في بلادهم؟.. تأمّلوا ما يحدث، فالمُعتصمون – بقيادة مُحرِّضهم المدير التنفيذي لمحلية الدبة – لم يُؤازروا الشركة عندما أرادت الاستثمار في المصنع بالسودان، ولكنهم يغضبون عندما أعادت تصدير المصنع، لتشغيله في مصر.. ربما كانوا يُريدون الإبقاء على المصنع في المشروع حتى تحرقه حكومة حمدوك، أي كما فعلت حكومة المخلوع بفسائل النخيل..!!
:: المُهم.. ما يُحمد لوالي الشمالية، أنها بعد زيارة مشروع أمطار، أشادت به، وأبدت حرصها على نجاح الاستثمار في الشمالية، وتحدّثت عن دور القطاع الخاص في تطوير الاقتصاد الوطني.. وبالمُناسبة، والي الشمالية أفضل من هبة محمد علي وزيرة المالية المكلفة والمسؤولة عن الاستثمار.. ﻫﺒﺔ مسؤولة عن ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﺼﻠﺢ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ، ﻭﻟﻢ تُنظِّم ﻭﺭﺷﺔ – ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻧﺪﻭﺓ – ﻟﻤُﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ، وﻟﻢ ﺗﺰﺭ حتى ﻣُﺠﺮّﺩ مزرعة بطرف الخرطوم ﺑﻐﺮﺽ تشجيع الاستثمار..!!
:: ربما يقتدون برئيس الوزراء، فالشاهد أنّ المسؤولين عن اقتصاد البلد يحبون السفر إلى الخارج، لأنهم يُراهنون في التنمية والنهضة على منح وهبات من يُسمونهم بـ(أصدقاء السودان)، وكأنّهم لم يسمعوا بالمثل الشعبي (الشراب من أيدي الرجال عطش).. والمُؤسف، كنا نُعيب على فلول النظام المخلوع احترافهم للتسوُّل، وعجزهم عن تشجيع الاستثمار، وفشلهم في استغلال موارد البلد، ثم تفاجأنا بأن الفلول كانوا (هواة)، مُقارنةً بهؤلاء المحترفين للتسوُّل والعاجزين حتى عن تفقد أحوال المشاريع الاستثمارية..!!
نقلاً عن (الصيحة)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.