في الوقت الذي يواجه فيه بعض ولاة الولايات الجدد بمسيرات رفض وبإعتصامات منددة بتعيينهم وبمطالبات بتغييرهم ، فإن والي النيل الابيض اسماعيل وراق استقبلته مسيرات قبول واحتفاء، استقبال وراق مظهر طبيعي ودليل على أن الوالي الجديد يتمتع بمحبة مواطني ولايته وهذه أول واهم شروط ترشيح الوالي وأكثر ما يعينه على النجاح. اختلفنا مع وراق في انه خالف قرارات حزب الامة التي دعته للانسحاب بحسبان ان الالتزام التنظيمي مطلوب في هذه المرحلة والتي يجب أن تمتع فيها الأحزاب بالانضباط والروح الحزبية من أجل ان تقوم الديمقراطية على أحزاب رائدة ومؤسسة ومنضبطة، ولكن هذا لا يجعلنا نقدح في المحبة الجماهيرية والحفاوة التي استقبلته بها الجماهير في ( بحر ابيض ).
من دلائل نجاح حكومة الثورة ان يستقبل ولاتها المدنيين استقبال الفاتحين، ومن دلائل فشلها ان يواجه ولاتها بالرفض والمسيرات الغاضبة والبيانات المنددة بهم. ما حدث من استقبال للوالي الشاب وراق هو دليل على أن الثورة اختارت ولاة من الجماهير ومن نبضهم وليس من خارجهم.
الجماهير التي استقبلت وراق لم تخرج بالأوامر بل خرجت من تلقاء نفسها، الرجل استقبلته حتى القرى على أسفلت الطريق الرابط بين الخرطوم وكوستي، وهي مظاهر لا يمكن تصوير انها مظاهر مخالفة للثورة، فالثورة هي نفسها هبة جماهيرية، ومحبة الجماهير لا تعني إعطاء الوالي الجديد اسماعيل وراق شيكا على بياض ليفعل ما يشاء، بل هي مسؤلية ثقيلة تلقى على عاتقه، فهو الوالي الوحيد الذي استقبلته الجماهير بهذه العفوية، مما يجعله تحت ضغط رد الدين والاجتهاد على تأكيد حسن الظن فيه بالعمل الدؤوب من أجل حل إشكالات الحياة وما أكثرها في ولاية النيل الابيض ومن أجل تطوير تلك الولاية المركزية في السودان.
محاولة تصوير استقبال وراق بما كان يحدث في عهد الكيزان هو مجرد ربط باطل، ففي استقبال هذا الوالي لم يتم إرسال خطابات رسمية لمدراء المدارس لإخراج الطلاب عنوة لاستقبال الوالي كما كان يحدث في عهد المخلوع، لم يتم تهديد الموظفين والموظفات بخطابات رسمية بالخروج من مكاتب الدولة لاستقبال الوالي كما كان يفعل نظام المخلوع، لم يتم حشد الجماهير عبر عربات مدفوعة القيمة ومعها وجبات وبارد ومصاريف كما كانت تفعل جماعة المخلوع، بل كل هذه الجماهير خرجت بعفوية لاستقبال ابنها الذي ناضل زمانا ضد نظام القهر وعاد اليوم منتصرا عليه، هي جماهير لا ( مكرية) ولا ( مشرية) فلماذا يقيدها البعض ويريدها ان تجلس في منازلها ولا تستقبل ابنها!!!
نعلم أن المحاصصة كانت حاضرة في تعيين ولاة الولايات، ونعلم أن بعض الولاة الذين يتبعون لأحزاب بعينها لا يمثلون ثقلا في تلك الولايات، ولا يتمتعون بأي قبول جماهيري، وتم فرضهم على الولايات عبر قرار فوقي من قوى الحرية والتغيير ومن مجلس الوزراء، لذلك يحز في نفس نشطاء هذه الأحزاب خروج جماهير حزبية لاستقبال وال النيل الابيض بهذه الكثافة وهذا التقدير، ويحزنهم منظر الوالي الشاب وهو يحي هذه الجماهير فيشعرون بأن آمالهم في أي انتخابات في هذه البلاد تبدو كالعنقاء والخل الوفي من سابع المستحيلات، لذلك يبحثون عن تمديد الفترة الانتقالية وعن العلمانية وعن اغتيال الشخصيات عسى ولعل ان يفصلوا هذه الجماهير عن احزابها وقياداتها التاريخية، ولكن هيهات.
نتمنى أن يقدم الوالي الشاب وراق نموذجا لشباب الثورة في هذه الولاية، بالعمل من أجل خدمة انسانها وبادارتها بطريقة تشعر جميع أبناء الولاية بأنهم أصحاب حق وشركاء لا أجراء في بناء هذه الولاية ورفعتها، وسيكون في حب الجماهير له عون على ذلك وحسرة وكمدا على آخرين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.