“آلافُ قصص الحزن”.. (باج نيوز) يكشف في تحقيق عن أرقام وفيات وإحصاءات مخيفة
تحقيق: باج نيوز
سجلات (6) مقابر في الخرطوم تؤكد وجود زيادة غير مسبوقة في الوفيات
التحقيق يكشف عن تزايد موجة الوفيات في شهري أبريل ومايو
مشرفو مقابر: عدد كبير من شهادات الدفن لا تحتوي على أسباب الوفاة
عدد قليل من الجثامين دفنت تحت إشراف وزارة الصحة
مشرف مقابر فاروق: عدد الوفيات هذا العام فاق المتوقع بكثير
مقابر البنداري سجلت أعلى معدل وفيات خلال (10) سنوات
دفن حوالي (449) متوفٍ بمقابر الصحافة خلال شهر مايو فقط
خبيرة إحصاء: نسبة الزيادة في الوفيات مخيفة وتتطلب البحث
تحقيق: باج نيوز
في أبريل ومايو الماضيين، زاد معدّل القصص المُحزنة، الأسر تتنّقل بين المشافي والمراكز الصحية بحثًا عن طبيبٍ، المريض يتفاجأ أنّ المستشفيات إمّا مغلقة أو مُضربة عن العمل.. تشتدّ الآلام، فيموت بعضهم في الطريق أو المنزل بعيدًا عن الإحصاءات الرسمية.
حاليًا مع يوليو، باتت تتكرّر الأزمة وإنّ اختلفت أسبابها، ترفض مستشفيات إدخال مرضى يشتبه أنّهم يعانون من “كورونا”، أو أخرى تطلب وضع مبلغٍ ضخمٍ من المال كإجراءٍ تأميني.
هناك مشافٍ أخرى، بلا طوارئ أو أطباء عموميين، وأخرى بلا إخصائيين أو استشاريين، يصف مدير مستشفى لـ”باج نيوز” الوضع قائلاً “إنّها إحدى مظاهر الفوضى التي تحيط بالبلد عامةً وبأوضاعِ الأطباء خاصةً”.
لم تتوّفر الإحصائيات الرسمية لدى الجهات المختصّة حتى نهايات يونيو الماضي خلال إعداد هذا التحقيق، وقد قال مدير عام الصحة حمدان مصطفى حمدان، في وقتٍ سابقٍ لقناة الحدث، إنّه من المهمِ جدًا معرفة أعداد الوفيات للشهور الماضية ومقارنتها بإحصائيات الوفيات من العام الماضي، لأنّ ذلك وبحسب حمدان، يُمكّن وزارة الصحة ويسهّل عليها معرفة “كم غاب النظام الصحي باليوم والساعة والدقيقة عن المواطن”.
اتّجه”باج نيوز” إلى”6″ مقابر في الخرطوم، للحصول على أعداد الوفيات خلال شهري أبريل ومايو لعامي 2019 و2020، لإجراءِ مقارنةٍ، رغم أنّ العدد لا يُمثّل كلّ وفيات الخرطوم، وينشر الموقع جداول بيانية وإحصائية لتسهيل المقارنة وآراء خبراء في مجال الإحصاء.
وبحسب إحصاءات الوفيات المسجّلة بسبب كورونا لدى وزارة الصحة في ولاية الخرطوم، أن وصل الرقم في أبريل إلى”٢٧” متوفي وفي مايو إلى”٦٨”متوفي.
قريبًا من المقابر
بحسب إحصاءات الوفيات والمستندات أنّه دفن في:
1/ مقابر فاروق 2020 – أبريل: 87 مايو: 145
مقابر فاروق 2019 أبريل: 25 – مايو: 35
2/ مقابر الصحافة 2020 – أبريل: 224 – مايو: 449
مقابر الصحافة 2019 أبريل 45 – مايو: 129
مقابر الصحافة حتى النصف الأوّل من يونيو ٢٠٢٠م 167
3/ أحمد شرفي 2020- أبريل: 54 – مايو 332
أحمد شرفي 2019 – أبريل: 90 – مايو: 103
4/ مقابر حمد النيل 2020 – أبريل 500 – مايو 600
مقابر حمد النيل 2019 – أبريل 120 – مايو: 150
5/ مقابر البندراي2020- أبريل: 206 – مايو: 480
مقابر البنداري 2019 – أبريل: 192 – مايو: 242
6/ مقابر حلة حمد 2020 – أبريل: 302 – مايو: 210
مقابر حلة حمد 2019 – أبريل 25 – مايو: 45
مقابر الخرطوم تسجّل زيادة كبيرة في الوفيات
تشير الأرقام إلى أنّ السودان شهد في شهري مايو وأبريل موجةً غير مسبوقةٍ من الوفيات، شغلت الرأي العام، تحديدًا في ولاية الخرطوم، حيث تزامنت الزيادة مع انتشار وباء كورونا، وارتفاع حالات الإصابة، حيث وصلت آخر إحصائية إلى أكثر من 9 آلاف إصابة مسجّلة في كامل ولايات السودان.
سعى”باج نيوز” في تحقيقٍ استقصائي لكشف الزيادة في إحصائيات الوفيات التي حدثت خلال هذه الشهور، وأجرى إحصائية للوفيات التي سجّلت في عددٍ من المقابر داخل ولاية الخرطوم، موزّعة على مدنها الثلاث، الخرطوم، أمدرمان وبحري.
وأكّد المشرفون على هذه المقابر ملاحظتهم للزيادة في الأعداد، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنّ عددًا كبيرًا من شهادات الدفن لا تحتوي على أسباب الوفاة، وأنّ عددًا قليلاً من الجثامين دفنت تحت إشراف وزارة الصحة لمتوفين كانوا مصابين بداء كورونا.
أحمد شرفي
يوم الجمعة، تشيرُ الساعة إلى الـ12 ظهرًا، بعضُ الجثث تتوافد إلى المقابر بلا توقيتٍ متزامن سوى الصلاة عليها في وقتٍ واحدٍ.
يقول الغفير بمقابر أحمد شرفي بأم درمان ياسر محمد إبراهيم في حديثه لـ”باج نيوز”: لا يتمّ دفن أيّ جثةٍ دون الإطلاع على شهادة الوفاة، مشيرًا إلى أنّه يقوم بحفر”3″ قبورٍ في اليوم فيما يقوم آخرون بحفر قبران تمتليء جميعها، حيث تقتصر مهمته مع”24″آخرين في المقابر على حفر القبور والمساعدة في الدفن وملء الأزيار، مشيرًا إلى أنّه يتمّ أحيانًا غسل أشخاص داخل المقابر نسبةً لعدم وجود منازل لديهم بالخرطوم.
وأوضح أنّه في رمضان دفنتُ ما يقارب الـ”4″أشخاص بدون ذويهم، فقط يتمّ الإطلاع على شهادةِ الوفاة وأنّها صادرة من المستشفى، لافتًا إلى أنّ مقابر أحمد شرفي امتلأت فيما تقلّص العدد بعد عيد الفطر.
حمد النيل
إمّا أنّهم يحملون جثث أو يسألون عن قبورٍ، كان هذا هو الحال في مقابر حمد النيل، حيث يقول مسؤول تسجيل الموتى لـ”باج نيوز”إنّ شهري أبريل ومايو شهدا أكبر معدّل دفن في المقابر،حيث يعمل خلال فترة النهار”15″حفارًا للقبور وفي المساء”10″، وحول أعمار المتوفين يقول إنّ أغلبها يتراوح حول”60″عامًا.
فاروق
مشرف مقابر فاروق يوسف عيسى قال في حديثه لـ”باج نيوز”: عدد الوفيات عادةً يكون أعلى في مارس وأبريل ومايو من كلّ عامٍ إلاّ أنّ هذا العام فاق المعدّل ما هو متوقّع بكثيرٍ، وويشير إلى أنّ الوفيات في فاروق كانت من كبار السن والأطفال، أمّا حالات الكرونا تأتي جاهزة للدفن من المستشفيات.
مقابر البنداري
أمّا مقابر البنداري الأكبر في مدينة بحري يقول عنها شيخ مبارك في حديث لـ”باج نيوز” إنّ شهر مايو الماضي، كان أكبر معدّل للوفيات في الـ10 سنوات الأخيرة حيث بلغ العدد الكلي”480″، ومعظم الوفيات لكبار سن فوق الـ”60″ عام، تضمّنت “9” حالات كوورنا وصلت إلى المقابر مجهّزة برفقة طبيبٍ أو في أحايين مع أهل المتوفي، مشيرًا إلى اعتمادهم على أهل الخير وشباب المبادرة في شرق النيل لتوفير أدوات التعقيم .
الصحافة
ومن داخل مقابر الصحافة علم”باج نيوز” من مسؤول السجلات، أنّ دفن ما يقارب”449″ متوفي في مايو، كان هو المعدّل الأعلى في تاريخ المقابر حيث وصلت حالات الدفن في أيام إلى”30″ جثة.
وفي أبريل تمّ دفن”224″، وحتى منتصف يونيو تمّ دفن”167″وكان غالبية الموتى فوق الـ60 عامًا..
حلة حمد
فوزي النعيم مشرف مقابر حلة حامد قال لـ”باج نيوز” 70% من الوفيات كانت أعمارهم فوق الـ60 عاماً.
ماذا قال مدير عام الصحة؟
منتصف يونيو الماضي، وفي ردّه على ذات الأسئلة والاستفسارات، قال مدير عام الصحة حمدان مصطفى حمدان، إنّهم كنظامٍ صحي لابدّ لهم من معرفة السبب الفعلي للوفيات، مؤكّدًا في حال وجد أيّ قصورٍ على النظام الصحي خاصةً في تقدم الخدمات في الفترة الماضية ، أنّهم سيعتذرون “أخلاقيات” للشعب السوداني مع وعدٍ أنّ الأمر لن يتكرّر مرة أخرى.
ورغم التدهور الماثل في القطاع الصحي بشهادةِ العاملين فيه والمرتادين من المرضى إليه، إلاّ أنّ الفترة الأخيرة شهدت تحسّنًا أفضل في خدمات المستشفيات بعد ظهور عدّة مبادراتٍ للعاملين في المنظومة الصحية ومن هم خارج القطاع.
ويشدّد حمدان في تصريحاتٍ بثتها قناة الحدث، إلى ضرورة الاستفادة من تجربة كوفيد 19، وتحليل الوضع الماثل، وضرورة مقارنة إحصائيات الوفيات من العام الماضي بالعام الحالي، ومنها بحسب حمدان، يمكن معرفة كم غاب النظام الصحي باليوم والساعة والدقيقة.
وقد أجرى”باج نيوز” إحصائية شهرين لمعدّلات الوفاة من ست مقابر فقط.
ورجّح مدير عام الصحة، أنّ تكون حالات الوفاة إمّا لمصابين بالكورونا لم يتمكّنوا من الوصول إلى المستشفيات لأيّ سببٍ من الأسباب، أو أنّهم مرضى يعانون من أمراضٍ مزمنة، الأمر الذي دعاه إلى توجيه رسالةً للأطباء للعمل سويًا لوجود مشاكل في القطاع الصحي تتمثّل في عدد الأسِرة والأطباء والممرضين.
معدّل مخيف
وتقرأ الخبيرة في الإحصاء سعاد عابدين هلالي، لـ”باج نيوز” أنّ إجمالي الوفيات لأبريل 2020 كان 1433 وفاة بنسبة زيادة تجاوزت 1.88 من مئة عن أبريل 2019 حيث كانت 497 في وقتٍ كانت فيه نسبة وفيات كرونا المبلّغ عنها من الاجمالي 0.98
أمّا إجمالي الوفيات الكلي لمايو 2020 بلغ 2216 بنسبةِ زيادةٍ قدرها 2.15 عن نفس الشهر لعام 2019 حيث بلغت 704 وفاه فقط، وكان نسبة الوفيات المبلّغ عنها لكرونا 0.96 .
واعتبرت عابدين أنّ هذه الأرقام تشير إلى وجود عددٍ كبيرٍ من الحالات لم يتمّ التبليغ عنها، حيث أنّ إجمالي وفيات الشهرين بسبب كرونا معًا مقارنةً بالعدد الكلي بلغ 2.6 فقط.
وأوضحت “عادةً في الإحصاء نسبة الزيادة التي تفوق 0.5 تدلّ على وجود مشكلةٍ ما لابدّ من الجهات المختصة من الوقوف عليها، وقالت “نسبة الزيادة هنا 2.6 وهو رقم يُعتبر كبيرًا جدًا ومُخيف”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.