د. عبد العظيم حسن: دولة القانون الولاة والمجلس التشريعي
تواترت الأخبار عن تفويض المجلس المركزي للحرية والتغيير (قحت) للدكتور عبد الله حمدوك ليختار ويعيّن حكام الولايات. التفويض، إن صح، يأتي محاولة من المجلس المركزي لإسعاف معالي رئيس الوزراء للوفاء بمطالب المليونية خلال الخمسة عشر يوماً التي سرت منذ فجر الثلاثين من يونيو 2020. مجلس قحت المركزي، طبقاً لنصوص الوثيقة الدستورية لا يملك سلطة اختيار أو تعيين الولاة ليفوض السلطة لغيره. سلطة التعيين والاختيار للولاة بموجب الوثيقة وردت غامضة، وإذا جاز أن نستشف بشق الأنفس، فمن نص المادة 16/6 التي خولت مجلس الوزراء اختيار وتعيين قادة الخدمة المدنية. هذه السلطة، إن جازت، لهي من اختصاصات وسلطات مجلس الوزراء مجتمعاً وليس لرئيسه مستقلاً أو مجلس قحت المركزي.
الوثيقة الدستورية وإن أعطت السلطة القضائية استقلالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية إلا أنها لم تسم القضائية من سلطات الدولة الثلاث وأكتفت بتسمية أجهزة الحكم في مجلس السيادة، مجلس الوزراء والمجلس التشريعي الانتقالي. التناقضات والتعثر في مسيرة الثورة نشأ عن التأخير في قيام المجلس التشريعي الذي هو ضمانة الشارع الفعالة في المراقبة وتحقق الفصل بين السلطات الذي تحرسه السلطة القضائية والمحكمة الدستورية. مهما كان الأمر، ففي ظروف الانتقال هذه، فأفضل من يختار الولاة المجلس التشريعي، وليس (قحت) أو مجلس الوزراء. بعد الوعد المقطوع، فرئيس الوزراء، وبدلاً أن يستعجل خطوة تعيين الولاة قد يكون مناسباً أن يعتذر للثوار، قبل انقضاء الأجل. حجة د. حمدوك في التأخير ستكون مقبولة إذا اتكأ على نصوص الوثيقة الدستورية بأنها لم تسعفه ولا (قحت) في اختيار الولاة بحسبان أن الوثيقة الدستورية، وإن نظمت مستويات الحكم بالمادة 9، إلا أنها لم تحدد آليات تنفيذها لا صراحة أو بموجب قانون نافذ.
المجلس التشريعي الانتقالي كالحكومة الانتقالية الغرض منهما اجتياز المرحلة الانتقالية بنجاح. الفترة الانتقالية يجب أن يكون شعارها # الفترة الانتقالية- تنجح بس. تحقيق هذا النجاح يتطلب أن يكون وزراء الحكومة وأعضاء المجلس التشريعي على مستوى عالٍ من الكفاءة والجدارة. الفترة الانتقالية لا تحتمل أي محاصصات أو مجاملات وإنما الكفاءة المطلقة والقادرة على الرقابة والتصويب أولاً بأول. المجلس التشريعي الانتقالي يجب أن يكون من كفاءات عالية تتمثل فيها كل المهن بما فيها الرعي والزراعة. (قحت) لو نجحت في تسمية أعضاء المجلس التشريعي من كفاءات مهنية ستضمن ليس استقرار ونجاح الفترة الانتقالية وإنما النجاح في اختيار الولاة لأن المجلس التشريعي المهني سيسمي ولاة من نفس الشاكلة المهنية، فنكون حققنا هدفين أساسيين، الهدف الأول: وسعنا دائرة المشاركة في اختيار الولاة، الهدف الثاني: ضمنا كفاءة الولاة بحكم أن اختيارهم سيكون من أكفاء سيعبروا بنا لنجاح أول فترة انتقالية في تاريخ السودان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.