الخرطوم: باج نيوز
لم ينقطع الأملُ لدى حواء إبراهيم- (50) عاماً- من فرص عودتها إلى قريتها بمحلية طويلة في ولاية شمال دارفور، بعد أن اندلعت معارك قبل (5) سنوات بين الحكومة السابقة والحركات المسلحة، لتغدو نازحةً على أرض الوطن.
حواء التي تقيم بأحد أطراف العاصمة الخرطوم في بيتٍ من القش، تعول أسرةً مكونة من (4) أبناء، بعد أن فقدت رب الأسرة، قالت في حديثها لـ(باج نيوز): “من الصعب أن تشعر أنك بلا مأوى، بلا وطن، أتمنى أن يتحقق السلام لتتسنى لي العودة إلى مسقط رأسي، يخرج أحد أبنائي دائماً في مواكب الثورة، وخرج في الـ30 من يونيو، كان هُتافهُ الأوحد جيبو السلام جيبو”.
الآن، مباحثات السلام تمضي، ومنذ أكتوبر الماضي، في محاولات حثيثة لإحداث إختراق، وهذا الأسبوع توافق المجلس الأعلى للسلام على (5) من القضايا التي طرحها وفد وساطة جنوب السودان وحركات الكفاح المسلح، فهل حانت ساعة السلام؟!
صافرةُ البداية
انطلقت مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية الانتقالية والحركات المسلحة بجوبا عاصمة دولة جنوب السودان في 14 أكتوبر من العام 2019م، ووقع الطرفان في سبتمبر 2019م إتفاق إعلان المبادئ تمهيدًا لإنطلاق محادثات السلام.
وتجري المفاوضات مع الحكومة السودانية الانتقالية، عبر مسارين: الجبهة الثورية، التي تضم عددًا من الحركات المُسلحة، ومسار مع الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
وتضمنت المفاوضات عبر عُدة مسارات: “شرق السودان، المنطقتين، وسط السودان، وشمال السودان، ومسار دارفور، مع ملفات أساسية هي القانون، الإدارة والحكم، التريبات الأمنية، الملف الاقتصادي والإجتماعي”.
ووقعت الحكومة السودانية إتفاق سلام نهائي بجوبا مع مسار الشمال والوسط، والشرق.
فيما تعثرت المفاوضات مع الحركة الشعبية جناح الحلو إذ طرح خياري علمانية الدولة أو تقرير المصير لمنطقتي جنوب كُردفان والنيل الأزرق.
تقدم ولكن..!
وأحرزت الحكومة السودانية والجبهة الثورية تقدمًا في عدد من الملفات على طاولة التفاوض بينهما، تخللها تمديدٌ متجدد لأمد التفاوض، إلا أن بعض الملفات كانت حجر عثرةٍ في إحراز تقدم والتوقيع بالأحرُف الأولى لاتفاق السلام الذي حددت له وساطة دولة جنوب السودان الـ20 من يونيو الماضي وفقاً للمصفوفة التي تم الاتفاق عليها.
وأقر مُقرر لجنة الوساطة ضيو مطوك في 19 يونيو المنصرم بوجود بعض الصعوبات التي واجهت العملية التفاوضية تمثلت في التأخير في مناقشة الترتيبات الأمنية في مسار دارفور بجانب التأخير في ملف السلطة من قبل التنظيمات المشاركة.
ووصل الخرطوم في الـ25 من يونيو وفد من الوساطة والجبهة الثورية للنقاش حول القضايا العالقة التي تمثلت بحسب رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس يحيى في الترتيبات الأمنية ووضع القوات والدمج التدريجي والفترة الزمنية لتكوين الجيش القومي الموحد وإصلاح القطاع الأمني.
القضايا القومية، تعديلات في الوثيقة الدستورية التي تتمثل في زيادة الفترة الانتقالية، 4 سنوات من تاريخ التوقيع على اتفاق السلام، بجانب تعديل المادة 20 من الوثيقة الدستورية، إلى جانب المشاركة في مؤسسات السلطة الإتحادية (مجلس السيادة، الوزراء والبرلمان)، إدارة العاصمة القومية.
مجلس السلام
وانعقدت جولة مفاوضات مباشرة بالخرطوم بين وفدي الثورية والحكومة السودانية بحضور وفد الوساطة، ثم انعقدت في مطلع الأسبوع الحالي اجتماعات للمجلس الأعلى للسلام برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البُرهان.
وأعلن رئيس مفوضية السلام د. سليمان آدم الدبيلو، عن توافق المجلس بالكامل على 5 من النقاط التي تقدمت بها الوساطة ووفد الجبهة الثورية خلال زيارتهما للخرطوم، وأشار إلى تكليف لجنة مشتركة من المفاوضين وقوى الحرية والتغيير للوصول لإتفاق مع الجبهة الثورية حول النقطة السادسة.
المجلس التشريعي
مصادر موثوقة كشفت لـ(باج نيوز) في وقتٍ سابق، عن النقاط الخمس حيثُ تم التوافق على تمثيل الحركات المسلحة في مجلسي السيادة والوزراء، استثناء القيادات المشاركة منهم في مجلسي السيادة ومجلس الوزراء في المرحلة الانتقالية من المادة 20 من الوثيقة الدستورية والسماح لهم بالترشح في الانتخابات القادمة، تمديد الفترة الانتقالية لـ4 سنوات، تمثيل مسار دارفور في السلطة الولائية، وإيفاد وفد لجوبا من فريق الترتيبات الأمنية.
وأشارت المصادر إلى أنه لم يتم التوافق بعد حول تمثيل الجبهة الثورية في المجلس التشريعي.
وبحسب المصادر، أُخضع تمثيل الجبهة الثورية لمزيد من النقاشات بين مكونات الحرية والتغيير لجهة وجود تباين في توزيع مقاعد المجلس التشريعي بين مكونات قوى الثورة وكيفية تمثيل الولايات ولجان المقاومة والكتل السياسية.
ومن المُقرر أن ينعقد اجتماع اليوم “الخميس” للمجلس الأعلى للسلام لحسم نسب تمثيل الثورية في المجلس التشريعي.
مصدر بالمجلس الأعلى للسلام أوضح في حديثه لـ(باج نيوز)، أنهُ كان هناك مقترح بتخصيص 90 مقعد لكل كتلة حملة السلاح “الجبهة الثورية والحلو وعبد الواحد” وقُدم إقتراح بمنح الثورية 50 مقعداً.
من جانبه، كشف مصدر بقوى الحُرية والتغيير لـ(باج نيوز)، أن قضية تكوين وتوزيع مقاعد المجلس التشريعي عليها خلاف بين بعض مكونات قُوى الحُرية.
وعلل: “لذلك لم تُناقش مع الجبهة الثورية لجهة أنها حل خلاف داخل قُوى الحُرية”.
الترتيبات الأمنية
وعطفًا على ما تم الاتفاق عليه سيقوم وفد مشترك يضم قُوى الحُرية والتغيير بالتوجه إلى جوبا لتسريع تكملة الترتيبات الأمنية والاتفاق على كيفية دمج جيوش الحركات في القوات المُسلحة ليكون جيش وطني واحد وذلك بحسب مصادر (باج نيوز).
وتمثلت نقاط الخلاف بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية حول الترتيبات الأمنية في الفترة الزمنية للمدمج وإعادة الدمج والتسريح.
وبحسب معلومات (باج نيوز)، طرحت الحكومة السودانية 9 أشهر، بينما طرحت الجبهة الثورية 4 سنوات مع الاحتفاظ بالجيوش.
وأضاف مصدر (باج نيوز): “جانبٌ آخر حيثُ طرحت الحركات قيادة عُليا آلية مُشتركة للجيش حيثُ يُشارك قادة الحركات في هذه الآلية. وتابع: “بينما تقول الحكومة إن الجيش هو الأساس ويتم الدمج وفقًا لذلك وليس العكس”.
تفاصيل الاتفاق
وبالعودة لتفاصيل ما تم الاتفاق عليه، من تمثيل الجبهة الثورية في هياكل السلطة الانتقالية، وبحسب مصدر في المجلس الأعلى للسلام في إفاداته لـ(باج نيوز): “تم الاتفاق على تمثيل الجبهة الثورية بمقعدين في مجلس السيادة مع احتمال أن تُرفع لـ3 مقاعد”.
وقال: “وفي مجلس الوزراء تمثيلهم بـ4 وزارات وكان هُناك مُقترح بـ6 وزراء لكُتلة حملة السلاح”.
ووضع مجلس الوزراء السوداني في أول اجتماعٍ له بعد تشكيل الحكومة الانتقالية في سبتمبر 2019م، 10 أولويات للحكومة خلال المرحلة المُقبلة، منها إيقاف الحرب والعمل على بناء السلام العادل والشامل المُستدام.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.