هنادي الصديق: عندك تدفع ما عندك ترجع
بلا حدود
لم يعد سرا تحوَر الشريك الأسوأ في الحكومة وقلبه ظهر المجن على الجميع، ولم يعد خافيا حقيقة الصراع الخفي بين الشريكين والذي بات علنيا وصارخا ويسير بخطى حثيثة لضرب الثورة في مقتل بإستخدام كافة الأساليب الرخيصة وغير الشرعية، فالخلاف متعمَد، وكثرة الضغوط على الحكومة الهشَة في مكوناتها أدى لتعالي الأصوات المنادية بإسقاط حكومة حمدوك والتي أسماها البعض بحكومة الجوع في إشارة لإرتفاع الأسعار الجنوني في ظل عدم وجود رقابة على الأسواق، والتي هي مسؤولية مباشرة لمباحث التموين التابعة للشرطة.
التزايد المخيف لحالات الإصابة بفايروس كورونا المستجد نتيجة عدم إلتزام المواطنين بقرارات اللجنة العليا لطوارئ كورونا، بل وضرب الحائط بقرار منع السفر من وإلى الولايات، والجميع يشاهد التحركات الكثيرة والمزعجة للسيارات وهي تطوي المسافات جيئة وذهابا علنا رغم وجود السلطات الأمنية في طرق المرور السريع والتي تفتح المسارات لكل من يدفع حتى وإن كانت الكورونا نفسها، وهذه أيضا مسؤولية الشرطة.
قضية العالقين خارج السودان خاصة بمصر ورفض دخولهم لبلادهم عبر المعابر الجوية والبرية من قبل لجنة الطوارئ وما صاحبها من تداعيات خطيرة للمعاناة غير المسبوقة للعالقين ومعظمهم من المرضى وكبار السن، والتي أكسبت الحكومة آلاف المعارضين، في الوقت الذي تفتح فيها الطرق والمعابر الداخلية لمن يدفع أكثر وإنتشار المرض بصورة أكثر من ذي قبل، وهنا تقف الشرطة أيضا في موقف المسؤولية.
أزمة الوقود والصفوف داخل الطلمبات، ورغم قرار إيقافها عن العمل في الواحدة ظهرا تقليلا لحركة السيارات في الشوارع، طبيعي جدا أن يأتيك أحد أفراد القوة النظامية التي تقوم بحراسة وتأمين الطلمبة، بمن يبيع لك الجالون الواحد بمبلغ 500 جنيه بدلا عن 128. وهذه مسؤولة منها أمام الله وحدثت لي شخصيا.
لجنة إزالة التمكين ومكافحة الفساد وإسترداد الأموال، تم تكوينها بالولايات برئاسة الوالي، ومعروف أن جميع الولاة عسكريين ويتبعون للنظام البائد، لذا كثرت الصراعات بين أعضاء اللجنة ورئيسها العسكري الذي يسعي بكل ما أوتي من قوة إيقاف عمل اللجنة وتبديد طاقات أفرادها. لذا لا نتوقع لها أي تفكيك بل المزيد من التمكين، ومعلوم أن تعيين هذه اللجان يكون بقرار من رئيس المجلس السيادي (العسكري).
منعت لجنة طوارئ كورونا إستخراج المزيد من تصاريح المرور خلال ساعات الحظر، وأكد رئيسها بأن التصاريح المستخرجة فقط 1500 تصريح ولن يسمحوا بالمزيد منها، ورغم ذلك 90% من سيارات الخرطوم تجوب الشوارع طولا وعرضا، وامام المنطقة العسكرية (الجهة التي تمنح التراخيص) فزحمة السيارات الباحث اصحابها عن التصاريح بالمئات يوميا، أما داخل الإستقبال ومكاتب العمل، إستحالة أن تجد من يرتدي كمامة أو يستخدم المعقمات سواء أكان من العاملين او المواطنين، هذا إن لم تجد من يسخر من حقيقة وجود الكورونا من الاساس.
للمعلومية الترخيص يتم إستخراجه بألف وثلاثة وخمسة آلاف جنيه (حسب حاجتك وجيبك).
تخرج مسيرات لفلول النظام البائد وتفعل ما تريد تحت سمع وبصر الجيش والأمن والشرطة وحتى الدعم السريع، ومنعا لتعالي الأصوات الرافضة لهذا السلوك وصمت العسكر، تمازحهم قوات الشرطة بعبوتين أو ثلاثة من (البمبان)، ولم نسمع بطلقة واحدة تخرج لتفريقهم حتى وإن كانت مطاطية كما كانوا يفعلون مع الثوار الذين سقط منهم مئات الشهداء.
بإختصار شديد، أصبحت الكورونا مصدر رزق لمن يفترض فيهم حماية البلد والمواطن، وأصبحوا هم أكبر مهدد للأمن القومي وليست الكورونا وحدها، وتحول شعار (عندك خت ما عندك شيل) لـ (عندك تدفع ما عندك ترجع)، البلاد تسير على هاوية ولا زال البعض من ساستها ونشطائها يبحثون عن أمجاد حزبية وإنتصارات شخصية على حساب ملايين الفقراء الذين أهلكتهم الإنقاذ بعنفها وبطشها، والتي ستعود مرة أخرى مالم يستيقظ ضميرهم الغائب حتى الآن.
أعيدوا العالقين لديارهم اليوم قبل الغد، وليس من الصعوبة أن تجدوا لهم المحاجر المناسبة رغم قناعتي أن المرض انتشر وتفشى (بيهم وبلاهم).
إتحاد ساسة البلد وكل الفئات التي قامت بالثورة ضد كل من يحاول فتح الثغرات والمسارات لضرب ما تحقق لصالح أجندة داخلية أو خارجية، سيدفع ثمنه الشعب كله بلا إستثناء.
على الحكومة ان تكون أكثر شفافية إن أرادت البقاء والإستمرار، إكراما لارواح الشهداء على الأقل.
نواصل,,,
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.