هنادي الصديق: دعم المانحين
بلا حدود
لازال عدم الإاستقرار السياسي يشكل تهديدا صريحا لحكومة الفترة الانتقالية، وما سيضاعف عدم الاستقرار مستقبلا، (جائحة كورونا كوفيد19 المستجد)، والاستهتار الذي قابل به جزء غير يسير من السودانيين هذا الوباء.
وامس الأول أعربت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (ميشيل باتشيليت) عن مخاوف حقيقية بشأن الأزمة التي تواجه التحول في السودان في خضم جائحة (كورونا)، قائلة إن معاناة لا توصف تنتظر السودان ما لم يتحرك المانحون لدعمه عاجلاً، بسبب مصاعب جمة على حكومة السودان الانتقالية فيما يتعلق بالموارد. وبتداخل عدة اسباب منها الآثار الفعلية للعقوبات الاحادية المستمرة، وفشل المؤسسات الدولية في تخفيف عبء الديون عن السودان وفشل تقديم أي عون دولي للحكومة، والقشة التي ستقصم ظهرالبعير قد تكون جائحة (كورونا)، في ظل النظام الصحي المنهار أصلا بالسودان.
حقيقة الوضع تحدثنا عنه مرارا ونالت منه الحكومة من نقدنا الكثير بعدم تقيدها بالمطالب الثورية التي كان في مقدمتها، إبعاد كوادر النظام البائد عن مراكز إتخاذ القرار ومن المواقع الحساسة بالدولة، وسرعة استرداد الأموال المنهوبة وغيرها من مطالب كان من الممكن أن تغير مسار الفترة الانتقالية كلية عما هي عليه الآن. ولكن يظل البحث عن مخارج سريعة للكارثة التي ستحل بالسودان مالم يتم تدارك الأسباب ومعالجتها.
نعلم أن تفاقم الاوضاع بسبب آثار استمرار وجود السودان في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، رغم استجابة حكومة حمدوك لكافة مطلوبات رفع الحظر، إلا أن ذلك لم يحدث من الجانب الأمريكي حتى الآن. ما يعني بقاء السودان ضمن الدول غير المؤهلة للحصول على دعم من الصندوق الاتئماني لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي تبلغ قيمته 50 مليار دولار أمريكي والمخصص لمساعدة البلدان في مكافحة جائحة (كورونا).
والسؤال هنا، متى يلتفت المجتمع الدولي الذي وقف داعما الثورة السودانية قبل عام من الآن؟ ولماذا لم يجتهد في تحرير السودان من اسر العقوبات المفروضة منذ عهد النظام السابق؟ باعتبار ان ذلك من شأنه مساعدة السودان في جذب الاستثمار لإصلاحاته الاقتصادية، والوصول الكامل إلى أموال المانحين من المؤسسات المالية الدولية.
هذا إذا وضعنا في اعتبارنا اعتماد السودان في الفترة المقبلة على موارده الذاتية من زراعة ومعادن وثروة حيوانية بجانب الاستثمار في الموانئ التي كثرت الأطماع حولها من دول الجوار والمحاور.
الوضع المآثل ينذر بالكثير من المخاطر إن لم نقل كوارث، ولتقليل حجم الأضرار لابد من تضافر الجهود، شعبية ورسمية ودولية، والجهود الشعبية في الوقت الحالي لا تتطلب أكثر من الإلتزام بقرارات السلطات الصحية بالحجر المنزلي للتقليل من حجم تفشي الجائحة، وهذا يتطلب سعي السلطات الحكومية الجاد لدعم الأسر المحتاجة خلال فترة الحظر، عبر لجان الخدمات والتغيير كما ذكر الناطق الرسمي باسم الحكومة او غيرها من جهات. اما الجهود الدولية فيتطلب الأمر طرق جميع الأبواب التي سبق وأن بادرت بدعم السودان خلال الفترة الانتقالية، ولم تفي بإلتزامها حتى الآن.
الدول المانحة نجد لها العذر في انشغالها بالأزمة الصحية التي ضربت عصب الحياة فيها بتفشي الجائحة وتأثيراتها الاقتصادية على المستوى الآني والمستقبل البعيد، ولكن هذا لا يمنع مساهمتها على الأقل فيما يعين من الخروج من الكارثة الصحية القادمة بأقل الخسائر، بجانب الضغط على الحكومة الامريكية برفع السودان من القائمة السوداء رغم إلتزامه بكافة مطلوبات رفع الحظر. لأنه ليس من العدالة ترك السودان يصارع على كافة الجبهات وحيدا، وعندما يخرج من أزماته بنجاح ويحين وقت الحصاد، نجد عشرات الأفواه مفتوحة لإلتهام ثرواته.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.