حيدر المكاشفي: المعتمد..منصب حشوي سياسي
بشفافية
قبل حوالي أربعة أيام صدر قرار كبير ومهم قضى بالغاء وظيفة المعتمد، وعطفا على هذا القرار أصدر والي الخرطوم المكلف قرارا آخر باعفاء معتمدي الولاية السبع وتكليف المدراء التنفيذيين بالاشراف المباشر على المحليات، ولاحظوا أنني لم أقل عامدا تكليف المدراء التنفيذيين بأداء مهامهم، لأن مهام المعتمدين خلال العهد البائد كانت سياسية أمنية تعبوية لصالح الحزب المحلول وهذا ما لانريده لمن يحلون محلهم، ومن أقوى الشواهد والأدلة على الصبغة السياسية والأمنية والتعبوية للمعتمد، أن المعتمد يعينه الوالي الذي هو أصلا معين بقرار من الرئيس المخلوع، والمعتمد وفقا لتعيينه يكون هو رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول بالمحلية، وينوب عنه في رئاسة الحزب متحزب آخر من الحزب المحلول، ليس ذلك فقط بل يخصص لهذا النائب مكتب فخيم بالمحلية مجاور لمكتب المعتمد، هذا غير ما يسمى (مجلس شورى المحلية) الذي يسيطر عليه تماما الحزب المحلول، فكل هذه (الهلمة الحزبية السياسية متوهطة ومنداحة داخل المحلية)، وهذا كله يؤكد بالثابتة أن وظيفة المعتمد وظيفة سياسية بامتياز وعلى ضوئها يفرض سيطرته الكاملة هو وجماعته المذكورين على آليات الدولة في المحلية المعنية، وخطورة المعتمد هنا هي أنه يمارس أداء دوره السياسي التعبوي لصالح حزبه على المستوى القاعدي، وهذا دور أخطر حتى من الرئيس المخلوع الذي هو بحسب هذه التراتيبية السياسية رئيس الحزب المحلول على مستوى السودان، يليه الوالي الذي هو رئيس الحزب في الولاية، ومما تجدر الاشارة اليه هنا هو أن قرار الغاء منصب المحافظ واستحداث منصب المعتمد عام 2003 قد جاء على خلفية مفاصلة الاسلاميين وانقسامهم ما بين القصر والمنشية وتوزعهم بين (الشعبي والوطني)..
ومع فتحنا لسيرة (المعتمدين) لن ننسى بالطبع من يطلقون عليهم مسمى (معتمدي الرئاسة)، فهؤلاء كوم آخر غير المعتمدين السياسيين الممكنين، فهؤلاء (الرئاسيون المتيسون من ريسوه وتيسوه)، فقد كان معتمد الرئاسة منصبا هلاميا ترضويا شرفيا حشويا ليس له توصيف محدد ولا وصف وظيفي ولا مهام واختصاصات معروفة، وقد فرضه نهج المحاصصات المعطوب، لتسكين الأحزاب والقبائل والحركات في النظام، ونظرة خاطفة على من تولوا هذا المنصب على امتداد القطر، تكشف لك أن حوالي تسعة وتسعين في المائة منهم إما من متمردي الحركات الذين سالموا أو من أحزاب الموادعة والتوالي الصغيرة المتشظية من الأحزاب الأم والأصل التي شاركت في حوار الوثبة، إذ لم يكن لهم نشاط يذكر أو سيرة تجتر سوى الظهور فى بعض المناسبات الصغيرة المحدودة، كان ذلك هو كل ما يفعله معتمدو الرئاسات بكل الولايات، يكادون لا يفعلون شيئاً ذا بال يؤبه له، حالهم كحال ذلك الموظف في الطرفة التي تحكي عن أن إحدى المذيعات أجرت استطلاعاً في أوساط كبار الموظفين عن كيف يمضون يومهم العملي، قال أحدهم (بصحا من النوم، البس السفنجة، أدخل الحمام، أتسوك واستحمى وأغير وأسرح شعري وأبخ شوية كلونيا وأطلع من البيت أركب الفارهة، أدخل المكتب، أطلع من المكتب، وطالع وداخل لحدى الضهر أرجع البيت وهكذا دواليك )..وبعد..لقد أحسنت وزارة الحكم الاتحادي بالغائها لوظيفة المعتمد التي لا معنى لها، غير أن تكلف الخزينة العامة صرفا لا داعي له ولا طائل من ورائه.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.