لولا “الكورونا”، لما مرَ هذا اليوم ، السادس من أبريل بهدوء، مازال السودانيون يتذكرون تفاصيله، تعبه الذي تحول إلى راحة، وسهره الذي أصبح نشاطا، وظمأه الذي صار رويانا، إنه يومٌ فاصل في الحياة وعلى البلاد.
الجموع تتدافع أمام مباني القوات المسلحة، ومدير جهاز الأمن الأسبق صلاح قوش بالتنسيق مع بعض قيادات التغيير يفتح شارع القيادة لعبور الثائرين..
إنها الخطة، لم يعلم أحد في ذاك التوقيت، الواحدة ظهراً، أنه لن يواجه الرصاص أو الغاز المسيل للدموع كما جرت العادة، أي ثائر، يحتمي بقوة الموكب وبشعب أقسم أن لا يعود..
تتعالى الشعارات وتهز عنان السماء، تتدفق الجموع من كل صوب، فتمتلأ الشوارع وتزدحم، ويقتحم الثوار الباب العتيق.. “بوابة بيت الضيافة”..
وتقضي الأسر ليلتها في “القيادة العامة”.. الصغار والكبار، النساء والرجال، يصلون ويدعون وينشدون، أن يقترب اليوم الموعود.
تضاعفت الكراهية ضد الحكومة السابقة مع 2019، فشل وفساد وبؤس وديكتاتورية، معها غباءٌ، ورغبةٌ بالاستمرار في السلطة.
محاولة لخرق الدستور وإعادة ترشيح البشير لدورة جديدة، متناسين جميعاً أن الفرص نفدت، وما عاد هناك متسع لاحتمالاتٍ جديدة.
تعاملٌ متحجر وقلوبٌ قاسية، وعنف يشبه الحيوانات المفترسة، ضربٌ وتعذيب وسحقٌ بالعربات، تنكيلٌ وقتلٌ بلا رحمة أو أخلاق، وسوءٌ ليس له بداية أو نهاية، فسخر الله العوامل مع بعضها حتى يرى الشعب، الأعزاء منهم أذلاء والأقوياء منهم ضعفاء، والسقوط الذي لن يكون بعده عودة.
إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر..
الاحتجاجات في الدول الأخرى، لم تستمر كثيراً، لكنها في السودان وبفضل إرادة شعبه، ولنحو خمسة أشهر متواصلة، نجحت بأن تصل إلى غايتها الأولى.
وبعد تحقق الغاية، بدأت الحياة الجديدة..
هي حياة صعبة متعثرة، مليئة بالمشاكل، ومحاطة بالأشواك، من فوقها رياح عاتية، ومن تحتها قنابل ملغومة..
لكن لم يكن هناك من خيارٍ آخر..
نعم، لن يندم الثائرون على ذلك السقوط، وهو ما سيجعل الشارع يقظاً، حتى لا تتكرر مثل تلك الحكومات.
للسلطة جينات تتتفشى بمن يلتصق بها.
هذا اليوم، هو يومٌ خالد مخلد، يعطي الأمل أن القادم أفضل، حتى إن لم يكن الحاضر كذلك.
في هذا التوقيت، لن يُعمر الفاشلون في كراسيهم لسنوات، ولن يصبر الشارع على فسادهم أو تخاذلهم أو سوئهم..
السادس من أبريل، للتدبر والعظة والعبرة..!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.