أشرف عبدالعزيز: هل وعيتم الدرس..؟
الصباح الجديد
بدأت الحياة في الخرطوم أمس عادية ، ذهب الناس إلى أماكن عملهم ، وبدا الجميع منشغلون بالهموم اليومية وكلهم أمل بأن يعودوا بعد يوم عمل شاق للراحة ونسوا تماماً أن شباب الثورة دعوا لميلونية رد الجميل لشرفاء الجيش.
بالرغم من التعاطف الواسع مع الملازم أول محمد صديق الذي أحيل للتقاعد وهو يعتبر أحد أيقونات الثورة لادواره البطولية التي قام بها من أجل حماية المدنيين إبان الاعتصام، بالرغم من هذا التعاطف لم يكترث كثير من المواطنين لدعوة الشباب للمليونية ليفاجأ الجميع في منتصف نهار الأمس بالمواكب الهادرة التي ملأت أركان الخرطوم لتجد تفاعلاً منقطع النظير، إجماع من النساء بالزغاريد، ومشاركة بالهتافات من التجار، وفرحة عارمة من الأطفال.
هناك رسائل ذات أهمية سارت جنباً إلى جنب مع موكب الأمس وأبرزها على الاطلاق أن الوفاء قيمة لا تعرف التصنيف السياسي ومحاولات الاملاءات وإنما تقدر حسب المواقف والتضحية من أجل الشعب الكريم.
الرسالة الثانية هي أن شباب الثورة لا يتهاونون في كرامة كل من وقف معهم من أجل أن تبلغ الثورة مداها وتحقق أهدافها، وأمس لم ينتظروا تجمع المهنيين حادي الركب وأيقونة تحديد المسار ولا قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية.
الرسالة الثالثة هي عودة العنف المفرط والقمع الوحشي في التعامل مع المتظاهرين السلميين، فلم يتوقع المشاركون في المواكب أمس إطلاق الغاز المسيل للدموع بهذه الكثافة وتطويق تجمعاتهم السلمية خاصة وأنهم لم يتعاملوا بذات الطريقة التي كانوا يتعاملون بها مع النظام السابق، فلم يهتموا بقواعد التأمين، وظنوا أن في الدولة المدنية الديمقراطية لا مجال للعودة لقمع المتظاهرين والتصدي لهم بقنابل الغاز، ومع ذلك أثبتوا أنهم قدر التحدي وصمدوا في مواجهة أدوات التنكيل، وسرعان ماعادت لهم روح الثورة وفرضوا سيطرتهم على كل الشوارع بسلاحهم (التتريس)، وهتفوا ملء حناجرهم (معليش شرفاء الجيش)، ولعل هذه البطولة والشرف الباذخ وجدت دعمها من تجمع المهنيين الذي دخل على الخط ببيانه الناري مطالباً بإقالة وزيرالداخلية احتجاجاً على التعامل الفظ والعار مع المتظاهرين العزل.
الرسالة الأكثر أهمية في مشهد الأمس هي أن هؤلاء الشباب أثبتوا بالممارسة أن الثورة بالنسبة لهم ثورة وعي، وأنهم لن يحيدوا عن طريق تحقيق أهدافها مهما كلفتهم التكاليف وأضحت التضحيات جسام أمامهم، وأكدوا أيضاً أنهم العنصر الأهم، وأن كل المكونات الأخرى مكملة لهم، وأنهم قادرون بتماسكهم حول قضيتهم تفتيت كل محاولات التخريب المادي والمعنوي، حقيقة يوم أمس إنتشر حراس الثورة في العاصمة والولايات في كل مكان، وأعادوا الروح من جديد في المواطنين، ووقفوا وقفة مجيدة مع شرفاء القوات المسلحة ومحمد صديق فهل وعي الجميع الدرس!!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.