زهير السراج: صراع الطوارئ !
مناظير
* رفضْ مجلس السيادة لطلب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بتمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر أخرى ليس له سوى تفسير واحد وهو وجود خلاف، لا أدرى مدى عمقه وأسبابه، بين المجلس السيادي أو (المكون العسكري بالمجلس) والحكومة، خاصة أن اعلان الرفض جاء بشكل صارخ من خلال مؤتمر صحفي لعضو المجلس السيادي والناطق الرسمي باسمه الأستاذ (محمد الفكي سليمان)، وكأن المجلس السيادي يريد إحراج الحكومة وإظهارها بمظهر الساعي لتقييد الحريات، خاصة أن الوثيقة الدستورية منحت هذا الحق لمجلس الوزراء بالتشاور مع المجلس السيادي (المادة 40 )، وبما أن المجلس السيادي أعلن رفضه لتمديد حالة الطوارئ ورفض طلب رئيس الوزراء صراحة، فكأنه يريد أن ينقل رسالة للرأي العام بأنه مع إشاعة الحريات بينما تسعى الحكومة لتقييدها!
* الغريب أن هذا الإعلان الصريح الذى يشى بوجود خلاف بين المجلسين يأتي في وقت يشهد انسجاما كاملا بين الطرفين وتبدو العلاقة بينهما في أحسن حالاتها، ولقد ظهر ذلك جليا خلال احداث التمرد الأخيرة لهيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات، فما الذى جدَّ في الأمر ليخرج الناطق الرسمي باسم المجلس السيادي ويعلن بشكل واضح وصريح عن وجود خلاف بين الحكومة والمجلس بتصريحه للرأي العام الذى كان بمثابة قنبلة تناقلتها كل وسائل الأنباء العالمية، برفض التمديد الذى طالب به رئيس الوزراء!
* بل إن الناطق الرسمي أعلن في المؤتمر الصحفي عن تفويض المجلس لرئيسه الفريق عبد الفتاح البرهان للقاء رئيس الوزراء و”الاستماع إلى حيثيات ودوافع طلبه ثم عرضها على المجلس في اجتماعه القادم، وبناءً على هذه الحيثيات سينظر المجلس في تمديد حالة الطوارئ من عدمه”، وكأن المجلس السيادي يريد الإعلان للرأي العام أن رئيس مجلس الوزراء قدم طلباً لمجلس السيادة بتمديد الطوارئ بدون حيثيات .. وهو ما يثير التساؤل هل كان الطلب بدون حيثيات فعلا، وكيف يتقدم رئيس الوزراء بمثل هذا الطلب المهم بدون حيثيات تبرره، أم ماذا هناك؟!
* الأكثر غرابة أن المجلس السيادي اغتصب السلطات التي اختصت بها الوثيقة الدستورية الاجتماع المشترك بين مجلس الوزراء والمجلس السيادي الذى تؤول إليه سلطات المجلس التشريعي في حالة غيابه (المادة 24 ، 3 )، ومن ضمنها المصادقة على اعلان حالة الطوارئ خلال 15 يوما من إعلانها أو رفضها (المادة 39 )، فلماذا استعجل المجلس السيادي رفض تمديد الطوارئ ولم ينتظر الاجتماع المشترك مع مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الذى يجب ان يكون بالتوافق او بأغلبية ثلثي أعضائه (المادة 24 )، وكأن المجلس السيادي يُنصب نفسه سلطة أعلى من (الاجتماع المشترك) ويجرده من سلطاته لينفرد بها وحده وهو ما يتعارض مع الوثيقة الدستورية؟!
* كما أنه جعل من نفسه وصيا على مجلس الوزراء بالإعلان عن تفويض رئيسه للاجتماع برئيس الوزراء والاستماع الى حيثيات ودوافع طلبه وعرضها على المجلس في اجتماعه القادم، وبناءً على هذه الحيثيات سينظر في تمديد حالة الطوارئ من عدمه، وهو ما يعنى بوضوح تجريد مجلس الوزراء من سلطاته!
* في اتصال هاتفي مع القانوني الضليع الأستاذ (نبيل أديب) سألته عن مغزى قرار المجلس السيادي برفض تمديد الطوارئ، فإجاب انه ربما يكون استجابة لمطالب الحركات المسلحة بإلغاء حالة الطوارئ كأحد شروط التفاوض، ولكن أليست الحكومة جزءا أصيلا من هذا التفاوض، فلماذا يتناقض موقفها من حالة الطوارئ مع موقف المجلس السيادي أم ماذا هناك ؟!
* أخيرا، ما هو موقف المكون المدني في مجلس السيادة من هذا الخلاف، أم انه انحاز الى المكون العسكري وترك الحكومة المدنية تصارع وحدها .. وعن ماذا يتمخض الصراع؟!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.