حيدر المكاشفي: عباءة قوش الجديدة
بشفافية
في إفادة لصحيفة الأخبار الصادرة أمس، نفى صلاح عبد الله قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات في العهد البائد، أية صلة له بأي حزب أو تنظيم (لا مؤتمر وطني ولا حركة اسلامية ولا حزب بناة المستقبل الذي أشيع أنه يقف من ورائه ولا أي حزب أو تنظيم آخر)، ومضى قوش موضحاً عباءته الجديدة بالقول أن انتماءه سيظل لوطنه تحت عباءة القومية) أي أنه سيصبح شخصية قومية لا حزبية ولا حركية، وبالطبع ليس من حقنا مغالطة قوش في قوميته المدعاة وعباءته الجديدة التي ربما عكف على حياكتها مؤخراً، ولكن يبقى من حقنا أن نتشكك في صدقيته ومدى التزامه بقوميته المنتظرة ومفارقته لجماعته في الحزب والحركة، ولا يجئ تشككنا هذا اعتسافاً وانما بدلائل وشواهد تعززه، فبعد سبعة أشهر أمضاها الجنرال صلاح قوش في الحبس متهماً من إخوانه في الحزب المحلول والحكومة البائدة بتدبير محاولة انقلابية عليهم، وبعد الإفراج عنه وبقية المعتقلين بعفو رئاسي كان أن توافد على داره لتهنئته بالسلامة قيادات بارزة في الحكم والحزب الحاكم والحركة الاسلامية، ما لفت نظر البعض فتساءلوا في استغراب (فعلى من كان الانقلاب اذا كانت القيادات المفترض أنها منقلب عليها، تتوافد على منزل من يفترض أنه كان على رأس الانقلاب لتهنئته بالسلامة)، وأردفوا هذا السؤال بسؤال آخر فحواه (بل وفيم كان وضد من كان الانقلاب نفسه)، وكان أول تصريح لقوش المفرج عنه هو أن الرئيس البشير أب للجميع وأنه باق على عهده في حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية التي هو أحد أبنائها المخلصين..
ولم تمض سوى فترة قليلة على تقديم قوش فروض الولاء والطاعة للرئيس البشير ولحزب المؤتمر الوطني وللحركة الاسلامية التي قال أنه أحد أبناءها المخلصين، اذا به بعد أن فقد وظائفه الرسمية القيادية التي كان يشغلها سواء رئاسته لجهاز الأمن أو قيادته للاستشارية الأمنية، اذا به يسارع لترشيح نفسه في انتخابات البرلمان المضروبة والمخجوجة، وقام في أهل دائرته خطيبا، حيث القى عليهم خطبة عصماء تناقض وتتقاطع مع ماسبق أن أبداه حول أبوة البشير له وتأكيد التزامه المطلق بالحزب والحركة، اذ قال في تلك الخطبة مخاطبا جماهير دائرته، إليكم جئت أشكو عصبة من عشيرتي، أساءوا إليّ..عجبت فإن الانقاذ أمرها عجيب نسيت الخليط وتجدرت في الصحبة من المحيط إلى المحيط، ما صادقتها إلا صدقت وما ذدت عنها إلا أخلصت، تعجلوا كعادتهم، فإن قومي الذين أعرفهم دائما تسبق سيولهم أمطارهم وتسبق سيوفهم عدلهم، واستمر قوش على هذا النهج البلاغي الذي أعلن في ثناياه عفوه ومسامحته عن كل من أساء إليه ووشى به، وناشد بالمقابل من أساء إليهم وظلمهم أن يعفو عنه، ثم من بعد هذه الخطبة ودخوله البرلمان عبر تلك الانتخابات، عاد مرة أخرى الى حضن البشير وحضانة الحزب والحركة حتى اطاحة الثورة بالنظام، وشخص بمثل هذه التقلبات الحربائية من أين له أن يكون قومياً متجرداً..
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.