باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

زهير السراج: إلغاء المادة (152 ) !

مناظير

1٬891

* تحدثت كثيراً عن الخطأ الشائع بين الناس في تحميل قانون النظام العام الولائي مسؤولية مطاردة النساء بتهمة الزي الفاضح، بينما تقع المسؤولية على المادة (152 ) من القانون الجنائي العام لعام 1991 التي كُلفت شرطة أمن المجتمع (النظام العام، سابقاً) بمسؤولية تطبيقها، فظلت تطارد النساء وتنتهك حقوقهن وتثير الرعب والهلع في قلوب الجميع، وهي بكل تأكيد أسوأ مادة في تاريخ القوانين في السودان، إذ قصد بها النظام البائد إخضاع المجتمع لسيطرته من خلال إذلال وتحقير النساء والفتيات وارهابهن، كما ارتكبت الشرطة التي كُلفت بتطبيقها آلاف التجاوزات ساعدها على ذلك غموض المادة وعدم وضوحها الأمر الذي جعل كل فرد من أفرادها يفسرها على هواه وكيفه وحسب نظرته وتعليمه وفهمه وأهوائه، وكانت النتيجة ان وصل عدد الضحايا الى ما يزيد عن مائة وخمسين الف امرأة وفتاة في العام تعرضت حقوقهن للانتهاك بسبب مادة المادة وتجاوزات شرطة النظام العام!

* تنص المادة ( 152، 1) على الآتي: ” من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلا بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا”.
* لاحظوا الغموض في النص: (زي فاضح) (مخل بالآداب العامة) (يسبب مضايقة للشعور العام) .. والشعور العام المقصود ليس إجماع الناس وإنما شعور الشرطي الذي يطبق القانون الذي قد يرى في لبس شخص ما لا يراه الآخرون، بالإضافة الى إمكانية استغلاله للنص بادعاء أن الزي الذي ترتديه المتهمة فاضح، أو مخل بالآداب العامة، أو يسبب مضايقة للشعور العام، وإلى أن يقرر وكيل النيابة أو القاضي يكون المقصود من المادة بإذلال الناس وكسر انوفهن قد وقع بالفعل!

* لا يعني هذا براءة قانون النظام العام الولائي لعام 1996 من انتهاك حقوق الناس والتدخل في خصوصياتهم وفرض كثير من الشروط عليهم في حياتهم ومناسباتهم الخاصة مثل حفلات الزواج ونوع الأغاني، مما يعطي الشرطة حق اقتحام الحفلات الخاصة والتأكد من الالتزام بالقانون مثل الامتناع عن الرقص المختلط او رقص النساء امام الرجال وعدم أداء الأغاني الهابطة التي يمكن أن تختلف الرؤية حولها من شخص لآخر ..وإلخ، وإصدار قرار بإيقاف الحفل الأمر الذي ترتب عليه الكثير من الانتهاكات والتجاوزات والمصادمات بين الشرطة واهل الحفل، كانت نتائج بعضها كارثية!

* جاء في المادة 7 من القانون (ضوابط إقامة الحفلات الغنائية الخاصة والعامة) ما يلي:
1 – يجب على كل من مُنح تصديق إقامة حفل غنائي مراعاة الضوابط التالية:
أ‌- ايقاف الحفل في موعد اقصاه الساعة الحادية عشرة مساءً.
ب‌- عدم السماح بالرقص المختلط بين الرجال والنساء، او السماح برقص النساء أمام الرجال.
ج- عدم استخدام الاعيرة النارية.
د- عدم اداء الاغاني الهابطة (ولقد عرَّف القانون الأغاني الهابطة في الأحكام التمهيدية، بأنها الأغاني التي تستخدم فيها كلمات أو عبارات تتنافى مع العقيدة أو الأخلاق، أو الآداب أو الذوق العام والوجدان السليم، سواء كانت مموسقة أو غير مموسقة).
2- يجوز للشرطة عند الاخلال بالضوابط الواردة في (1 ) اتخاذ الاجراءات اللازمة لإزالة المخالفة بما في ذلك ايقاف الحفل.

* قد يتفق الناس على ضرورة وجود بعض الضوابط للحفلات الغنائية الخاصة والعامة مثل الزمن المسموح به، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتدخل في حياة الناس وحفلاتهم الخاصة ويحدد لهم داخل منازلهم ماذا يفعلون وكيف يحتفلون بمناسباتهم، ومن يرقص ومن لا يرقص وكيف يرقصون، ونوع الأغاني، والسماح للشرطة باقتحام بيوتهم وانتهاك خصوصياتهم!

* لا بد ان يتزامن إلغاء المادة (152) من القانون الجنائي مع إلغاء قانون النظام العام، وإلغاء ما يسمى بشرطة النظام العام وتوزيع افرادها بين اقسام الشرطة الأخرى بعد إعادة تأهيلها وتدريبها على احترام حقوق الإنسان وكف النظر عن اجسام النساء !

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: