نازك شمام: الصدمة
واحد صحيح
*مشاهد صادمة تلك التي حملها مقطع فيديو نُشر عبر الوسائط لأسرة تهجم على إحدى مؤسسات التعليم الخاصة وتدخل في عراكٍ مع الطلاب مناصرة لابنها الذي استنجد بإسرته إثر ِخلافٍ مع رصفائه، المقطع الذي تداوله الأثير بصورةٍ كبيرة حمل مشهد مفجع عندما قام الابن بصفع زميلته وعندما تدخل زملائهم اتصل بأسرته التي جاءت تدافع عن ابنها وتنصره ظالمًا دون معرفة الحقيقية ولكنّ السيناريو الأخير تلخّص في أنّ الأخلاق المجتمعية صارت على حافة الهاوية وأنّ التربية والأخلاق أصبحا غير ذي وزنٍ في مجتمع استباح كل شيء حتى الهجوم على المدارس والطلاب بصورة أقلّ ما توصف به أنها الهمجية وفي ظلّ إنشغال الرأي العام بالأحداث السياسية وإنغماسه في الأوضاع وتحليلها باتت الأخلاق تنحدر يومًا بعد الآخر.
*ثمة حقائق أضحت غير خافية من بينها سقوط قيم التربية لدى الأسر السودانية لابنائها وما حدث في مدارس كبيدة هو خير دليلٍ على هذا فمهما كانت الأسباب والدوافع للشجار بين أطفال لم تتعدّ أعمارهم الخامسة عشر لن يكون الحلّ في تدّخل أسرة بكاملها لإثارة الزعر والرعب بين الطلاب أثناء دوامهم المسائي دون مراعاة لحرمة الصرح التعليمي وقدسيته واستباحتها بشكلٍ لا يحدث إلا في أفلام الأكشن وليس على أرض الواقع.
*معاناة كبيرة جدًا تلقى على الأسر السودانية لإختيار المدارس الأنسب لابنائها والبيئة المدرسية المريحة لهم في ظلّ تدهور كبير لقطاع التعليم العام والذي يعاني ما يعاني من ويلات الإهمال وقلّة الموارد بما يجعل أولياء الأمور يعزفون عنه ويبذلون جهودًا مقدرة لإلحاق أبنائهم بمدارس خاصة تنجيهم من ويلات معاناة التعليم الحكومي عبر استقطاع مبالغ مقدرة من مدخراتهم لسداد التزاماتها كل ذلك لإيجاد بيئة تعليمية ملائمة ولكنّ عندما تهدم الأسر هذه العوامل من خلال تربية غير سوية لتشويه الصورة وهدمها هنا يجب على الحكومة أنّ تتدّخل لعدل الصورة المقلوبة فالوزارة وفي مسماها سبقت التربية عن التعليم لأهميته القصوى في إنشاء جيل مؤسّس على الأخلاق الحميدة والقيّم الفاضلة فإذا كان الأباء غير قادرين على غرسها فهذه مصيبة مجتمعية كبرى، وأنّ كانوا يرون في أنّ تربية الأبناء هي عبارة عن الاستجابة لكل مطالبهم حتى إذا كانت غير مشروعة وغير متسّقة مع الأخلاق المجتمعية فهي صدمة كبرى ستلحق بالأجيال القادمة خسارة غير قابلة للتدارك.
*حسنًا فعلت إدارة مدارس كبيرة بفصل الطالب ولكنّ لا أظنّ أنّ الأمر قد انتهى إلى هنا فالمطلوبات في قطاع التعليم كبيرة ومستمرّة ولابد من تدّخل على مستوى وزارة التربية والتعليم لحسم مثل هذه الظواهر السالبة التي تؤثّر على مستقبل الأجيال القادمة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.