باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

تشكيل الحكومة… المواجهة الأولى بين حمدوك و”الحرية والتغيير”

2٬727

الخرطوم: باج نيوز

«تسلمت عند الساعة الثالثة من عصر اليوم الثلاثاء، الموافق 27 أغسطس 2019 قوائم ترشيحات الوزراء المقدمة من قوى إعلان الحرّية والتغيير»، كانت تلك كلمات مختصرة في أول بيان يصدر من الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني، أشعلت غضبًا مكتومًا انعكس في سير عملية اختيار الوزراء في أوّل حكومة بعد إسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير.

ومضى البيان الصادر من مكتب رئيس الوزراء – حسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) – بتفاصيل أكثر فقال: «بلغت الترشيحات (49) مرشحًا ومرشحة لعدد (14) وزارة و(16) مرشحًا ومرشحة لعدد (5) مجالس وزارية متخصصة».

قوى الحرية والتغيير اعتبرت البيان «شكوى» ضدها، من رئيس الوزراء، واعتذارا للشعب السوداني عن التأخير في مواقيت تشكيل هياكل ومؤسسات الحكم الانتقالي، وإلقاء باللوم على قوى الحرية والتغيير، لأنّها تأخرّت في تسليم رئيس الوزراء قائمة ترشيحاتها للحقائب الوزارية.

حسب الوثيقة الدستورية التي توافق عليها المجلس العسكري الانتقالي – المحلول – مع قوى الحرية والتغيير ووقعت في حفل محضور إقليميًا وعربيًا، تعتبر قوى الحرية والتغيير حاضنة سياسية أقرب إلى «الحزب الحاكم» فتتولى اختيار رئيس الوزراء ثم تقدم له قائمة ترشيحات الوزراء ثلاثة لكل حقيبة وزارية ليختار واحدا منهم.

وحسب قيادي في الحرية والتغيير فإن هذا الشكل الإجرائي لا يعني تقسيم الملعب بين رئيس الوزراء والحرية والتغيير، بل شراكة تجعلهما جسمًا واحدًا بوجهين، سياسي وتنفيذي، وهو ما لا يتلاءم مع روح ونص بيان رئيس الوزراء الذي رسم خطًا واضحًا بين مسؤوليات كل طرف.

وبهذا المنطق؛ تمضي قوى الحرية والتغيير أكثر لتطلب من رئيس الوزراء عدم انتظار قوائم الترشيحات – التي لا تزال تتعرَّض للتعديل المستمر – بل أنّ ينخرط هو نفسه في المشاورات داخل دهاليز قوى الحرية والتغيير للبحث عن أفضل الكفاءات لمواجهة مطلوبات الحكم في المرحلة المقبلة، باعتباره جزءًا من قوى الحرية والتغيير لا جهة في الضفة الأخرى من النهر.

وكانت قوى الحرية والتغيير استبعدت مرشحين دفعت بهم في وقت سابق واستبدلت ببعضهم حيثيات جاءت لاحقة لاختيارهم، بعضها يحمل طعنًا في ارتباط بالنظام السابق، كما هو الحال بالنسبة لمرشحة وزارة السياحة والآثار البروفسور انتصار الزين صغيرون عميدة كلية الآداب بجامعة الخرطوم وعضو مبادرة هيئة أساتذة الجامعة، والتي ورد اسمها في قائمة الترشيحات ثم سحب بعد اتهام البعض لها بأنّها كانت في قوائم الكوادر النسائية لحزب المؤتمر الوطني – المطاح به – وهو زعم لا يعضده دليل.

ورغم تجاوز الميقات المضروب لإعلان قائمة الوزراء بأربعة أيام كاملة، فإن دهاليز عملية التشكيل ربما تضيف أياماً أخرى قبل إعلانه، فحسب مصادر موثوق بها طلب رئيس الوزراء مزيداً من المعلومات عن عدد ممن وردت أسماؤهم مصحوبة بالسيرة الذاتية في الترشيحات، وبعض المعلومات تصنف تحت عنوان «بيانات حساسة» قد لا يصلح تداولها موثقة كتابة؛ مما يتطلب اجتماعاً أو أكثر بين قوى الحرية والتغيير ورئيس الوزراء لنقلها إليه شفاهة والتداول بشأنها بعيداً عن المحاضر المدونة.

حتى هذه اللحظة توافق الطرفان، قوى الحرية والتغيير ورئيس الوزراء على خمسة وزراء فقط من أصل 19. وبرز اتجاه قوي لإعلان ما اتفق عليه من وزراء لمباشرة أعمالهم ومواصلة المشاورات فيما تبقى من القائمة.

من الذين حُسم أمرهم، وزير المالية والاقتصاد الدكتور إبراهيم بدوي، ووزير الخارجية عمر ياسين، ووزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، بجانب وزير الداخلية الفريق الطريفي إدريس – كان يشغل منصب نائب مدير قوات الشرطة السودانية – الذي اختاره العسكريون في مجلس السيادة.

وفي سياق التفاهمات مع رئيس الوزراء وافقت قوى الحرية والتغيير على إضافة أربعة وزراء دولة، ليرتفع عدد الوزراء إلى 23، في وزارات الصناعة والتجارة والتعاون الدولي والطاقة والتعدين.

الولادة القيصرية لمجلس الوزراء أبرزت صوتًا قويًا داخل قوى الحرية والتغيير يدعو لاعتبارها «حكومة تسيير أعمال» لفترة قصيرة لا تتعدى ثلاثة أشهر، على أن يعاد النظر في تسمية الوزارات نفسها بدمج بعضها واستحداث أخرى ومراجعة الوزراء بصورة شاملة؛ اعتمادًا على أنّ هذه الفترة كافية ليتعرف رئيس الوزراء على الملعب بصورة أفضل وإنضاج خطة العمل المعدة من قوى الحرية والتغيير، إضافة إلى أنّ المجلس التشريعي «البرلمان» الذي يتوقّع تشكيله خلال ثلاثة أشهر، قد يتمكن من المساهمة في اختيار الحكومة.

وفي الوقت الذي غرقت مناطق كثيرة من البلاد في مياه الأمطار والسيول والفيضانات مما عطّل العام الدراسي كثيرًا، تغرق يوميات السلطة القادمة في كثير من التحديات الأخرى على رأسها الوضع الاقتصادي المتأزّم لدرجة الاختناق، خاصة في العجز الكبير في توليد الكهرباء الذي عطل النشاط الصناعي والزراعي بجانب القطاع السكني.

ويبقى السؤال الذي يكتنف الوضع السوداني الآن، هل يصبر رئيس الوزراء حمدوك على ثقلِ حركة الحرية والتغيير وبطء اتخاذ القرار في أروقتها، أم يطلب مزيدًا من المساحات المحررّة من تدّخل الحرية والتغيير في صناعة القرار التنفيذي؟.

نقلاً عن الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: