جاء توقيع الاتفاق حول الوثيقة الدستورية ما بين قوى اعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي ليدشن مرحلة جديدة من العلاقة بين الطرفين و التي لا شك ان الطرفين يدركان جيدا ان العبور بالاتفاق و تجاوز العراقيل والمطبات و المؤامرات يتطلب صبرا و جهدا اكثر مما مضى، رغم العثرات والدماء التي سالت والارواح التي صعدت الى بارئها، شهداء اكرم منا جميعا ، يأتي هذا الاتفاق ليكون محطة في طريق النضال من اجل تحقيق شعارات الثورة و تنفيذ مطالبها، و لا يمكن بحال ان يكون كاملا، فهو فرصة لتهيئة الاجواء من اجل بناء سودان ديمقراطي وموحد وفاعل في محيطه العربي والافريقي، وهي فرصة تاريخية لبناء دولة المؤسسات وحقوق الانسان و العدالة الاجتماعية.
بعض القوى في اقصى اليمين و اقصى اليسار رفضت هذا الاتفاق وحاولت التقليل من شأنه قبل ان تتطلع عليه ، فقط لانه لا يتفق مع رؤاها، ناسية او متناسية ان هذا الاتفاق مثل رؤى قوى عديدة عالية الكعب في مناهضة ا لنظام المباد ، وقدمت تضحيات جسام مهرا لهذا اليوم، وهي بالطبع تغافلت عن كون اعلان الحرية والتغيير يمثل اتفاق الحد الادنى الذى تم التوافق عليه من اجل توسيع جبهة المعارضة و تأكيد وحدة موقفها قبل اسقاط النظام، لا جدال في ان هذا المسلك يجافي تقاليد و اسس العمل التحالفي المشترك، و يمكن وصفه بانه يمثل حالة من الدكتاتورية ، وهو ينم عن كسل فكري وخيال منعدم ، فما ان بدت بوادر الاتفاق حتى انطلقت تهديدات معلنة بمناهضة الاتفاق و اسقاطه ، و عليه لا بد من القول لكافة من يريدون مناهضة الاتفاق ان استطعتم فافعلوا ، و لن تفعلوا، لان شعار ( حرية سلام و عدالة ) يتحقق من خلال تطوير هذا الاتفاق من خلال التشريعات ومن خلال يقظة القوى السياسية التي نافحت من اجله ، ومن خلال تقديم شخصيات مسؤولة و محترمة لشغل المناصب الدستورية ، وفقآ للكفاءة و النزاهة و دون محاصصة ، و من خلال التصدي بمسؤولية لبناء اجهزة الدولة و محاربة الفساد و اصلاح الخدمة المدنية و العسكرية والاصلاح الاقتصادي ومحاربة الفقر.
ليس اكثر ايلاما لرفقة النضال من الموقف الذي اتخذه الحزب الشيوعي السوداني من الاعلان الدستوري ، فبدلا من ابتهال الفرصة لتصحيح موقفه السابق ، اسرف في نعت الاتفاق بصفات يعلم هو انها ليست فيه ، و لا يخشى انه بهذا الموقف يشق وحدة الصف ويلعن الثورة ، و كأن تحقيق اهداف الثورة السلمية يمر عبر اراقة مزيد من الدماء ، وفي نهاية المطاف لا احد ينكر على الحزب الشيوعي رأيه فيما يرى من نواقص ربما نشاركه بعضها ، ليتم التعامل معها بمزيد من النضال و الاصرار على تحقيق اهداف الثورة ، استنادا على اليات السلطة الانتقالية.
هذا الاتفاق كان انتصارا حقيقيا للثورة وستشكل هذه الوثيقة الدستورية عند تنفيذها نقلا حقيقيا للسلطة الي سلطة مدنية في كل مستويات السلطة سياديا و تنفيذيا وتشريعيا فى الحكومة الاتحادية و الولايات ، بمجلس وزراء كامل الصلاحيات.
شكرا للوسيط الافريقي، شكرا للوسيط الاثيوبي، شكرا للاتحاد الافريقى، والامين العام للجامعة العربية ، والشكر لكل من عمل خلف الكواليس ليصبح هذا الاتفاق ممكنا، شكرا للاشقاء فى مصر والامارات والمملكة العربية السعودية، و لكل اصدقاء السودان من الاتحاد الاوروبي و امريكا وبريطانيا ، والتحية للشعب السوداني الصامد.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.