الخرطوم: باج نيوز
لم يتمالك “التاج” نفسه، عندما شاهد صوراً مبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر “المنصة الرئيسية” في ميدان الإعتصام وهي قد تحولت الى “رماد” بعد إحراقها بواسطة القوات التي فضت الاعتصام صبيحة الثالث من يونيو الماضي.
ومنذ ١٤ إبريل الماضي، تعاقدت اللجنة الميدانية لقوى اعلان الحرية والتغيير بميدان الاعتصام بالقيادة العامة للجيش، مع شركة كبيرة لتجهيز منصة رئيسية تحتوي على “مسرح مجهزة بمكبرات”.
يقول التاج وهو كان يعمل كمنسق في المنصة، إن المنصة الرئيسية، تحدث فيها معظم قادة الاحزاب المعارضة أبرزهم الراحل علي محمود حسنين، الذي حقق أمنيته بالوصول الى البلاد.
وكان حسنين، الذي توفى بعد تعرضه لنوبة قلبية، وصل الى الخرطوم بعد 11 عامآ من الغياب القسري، بسبب مخاطر أمنية.
كما صعد على المنصة الامين العام للحركة الشعبية، ياسر سعيد عرمان، الذي كان يواجه حكما بالاعدام، ووصل أيضا الى البلاد بعد سقوط الرئيس المخلوع عمر البشير.
وحيا عرمان من على المسرح، الثوار المعتصمين، لكنه رفض التحدث “آنذاك” ووعد بالصعود مرة أخرى الى المنصة لمخاطبة المعتصمين، لكن فض الاعتصام حال دون ذلك.
يشير التاج، إلى أن المسرح الرئيسي تحول إلى منبر لنشر الوعي ودحض الشائعات، وتنوير المعتصمين بكل ما يتعلق بمجريات التفاوض بين قوى اعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري “آنذاك”.
وكان أعضاء وفد تفاوض قوى إعلان الحرية، يحضرون الى المنصة الرئيسبة بمجرد خروجهم من قاعة المباحثات التي كانت دائما ما تكون بالقيادة العامة أو القصر الرئاسي، لتنوير المعتصمين بمخرجات المباحثات مع العسكر.
ويقول التاج إنه لم يتمالك نفسه عندما شاهد صور المسرح المحروقة ودخل في نوبة من البكاء، ويضيف “هؤلاء لم يحتملوا الكلمات التي كانت تخرج كالرصاص من أفواه قادة الاحتجاجات، لذلك لجأوا الى اشعال النيران فيه”.
ويتابع “لكنهم لا يعلمون أن جميع شوارع البلاد ستتحول الى ساحة للاعتصام حتى تتحق اهداف الثورة المتمثلة في تسليم السلطة لحكومة مدنية وبناء وطن يليق بالسودانيين”.
وكانت تتواجد في ساحة الاعتصام 4 مسارح رئيسية موزعة في الميدان، بجانب شاشة عرض كبيرة تم سحبها قبل فض الاعتصام بساعات بعد هطول الامطار.
وصعد الى المنصة فنانون مشاهير ابرزهم مغني الراب “ماو”، ابوعركي البخيت، محمد الامين، عقد الجلاد وآخرين بجانب عدد كبير من الشعراء، وممثلي الاجسام المهنية والسائقون والطيارين وحتى الاطفال بحسب “أم جود” عضوة فريق عمل المنصة.
وتقول إن المنصة كان يديرها فريق عمل مكون من صحفيين ومتطوعين، مهمتهم اعداد البرنامج الذي يشمل على مخاطبات سياسية وبرنامج حواري ومسرح وشعر.
وتشير الى أن البرنامج كان يبدأ منذ اذان المغرب في رمضان وينتهي في الساعات الاولى من الصباح.
وكان يحظى برنامج المنصة بمتابعة كبيرة من المعتصمين، وتقول “أم جود” إن الشوارع المحيطة بالمسرح كانت تمتلئ بالكامل بالمعتصمين لحضور برنامج المنصة، وأشارت إلى ان اعداد المتابعين في اليوم كانت تتجاوز السبعة آلاف شخص، بجانب تغطية الفضائيات للبرامج.
وقدر مختصون تكلفة المسرح بملحقاته بنحو 5 مليون جنيه سوداني، وهي تكلفة كبيرة.
لكن المقبول، الذي حرر شيك ضمان للشركة المالكة للمنصة بقيمة 2 مليون “مليار”، قال إنهم مضطرون لتعويضه.
وأضاف “السودانيون الذين تبرعوا بمليارات الجنيهات للثورة السودانية، للعلاج والغذاء والمشافي، لن يعجزوا عن التبرع لتعويض الذين تعرضوا لخسائر مالية جراء حرق القوات التي فضت الاعتصام للمسارح ومكبرات الصوت وماكينات توليد الطاقة الكبيرة”.
وبحسب “التاج” فإن قادة القوى المعارضة وممثلي القوة المجتمعية كانوا يوجهون كلمات كالرصاص الى قادة المجلس العسكري وكانت اصواتهم تصلهم داخل مكاتبهم الوثيرة في القيادة، الأمر الذي كان يغضبهم.
وبعد مرور نحو ٤٤ يومآ من فض الاعتصام، تمكن قادة الاحتجاجات من تركيب مسرح ضخم بساحة الحرية “الساحة الخضراء” سابقآ، في ختام مواكب العدالة اولآ.
يقول التاج وهو يقف بجوار المنصة اليوم الخميي، ” رغم حزننا على سقوط عشرات القتلى جراء فض الاعتصام وحرق المنصات، كُنا واثقون من أننا سننتصر وسنحول ساحات البلاد الى ميادين لبث الوعي وتأبين شهداءنا الأبرار”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.