طلاب الصومال في السودان.. مستقبل ينتظر انفراج الأزمة
الخرطوم: وكالات
يعيش الطلاب الصوماليون في الجامعات السودانية حالة من القلق حول مستقبلهم بعد الانقطاع عن الدراسة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي جراء استمرار الاحتجاجات في السودان.
وتعد السودان أكبر وجهة للطلاب الصوماليين خارج بلادهم، حيث يدرس في جامعاتها حاليا 7 آلاف طالب، موزعين على أكثر من 20 جامعة، يليهم اليمنيون بـ ألفي طالب، فيما يدرس 1200 مصري بجامعات السودان، بحسب مكتب اتحاد الطلاب الصوماليين في السودان.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلنت وزارة التعليم العالي السوادنية تعليق الدارسة في أكثر 38 جامعة حكومية وخاصة بعد تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية.
وفي 29 أبريل/ نيسان الماضي وجه المجلس العسكري الانتقالي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بفتح جامعات البلاد، واستئناف الدراسة بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، إلا أن استمرار الاحتجاجات حال دون ذلك.
والخميس الماضي أعلنت جامعات حكومية بعدد من مدن السودان مواعيد لاستئناف الدراسة خلال الأيام القادمة.
لكن تجمع أساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا، المنضوي تحت تجمع المهنيين السودانيين (يقود الاحتجاجات منذ أواخر العام الماضي، ضمن تحالف قوى إعلان الحرية)، وضع عدة شروط لفتح الجامعات.
ومن بين هذه الشروط إقالة مدراء الجامعات ونوابهم ورؤساء مجالس إدارتها وأعضاءها وعودة المفصولين سياسيا، وحل الوحدات الجهادية (جمعيات ومنظمات تتبع للنظام السابق)، وحل شرطة الجامعات، وهي شروط اعتبرها مراقبون “صعبة” في ظل الأوضاع الراهنة وقالوا إن تنفيذها قد يستغرق وقتاً طويلاً ما ينذر باستمرار توقف الدراسة بالجامعات.
تذكرة عودة
أحمد نور طالب بكلية الهندسة في جامعة النيل الأزرق (جنوب شرق) يقول للأناضول :”الأوضاع المستجدة في السودان غير سارة، حيث أوشكت أن تهدد مستقبلنا بعد الانقطاع الدراسي لأكثر من نصف عام”.
بعد اندلاع الأزمة السياسية في الخرطوم عاد “أحمد” إلى الصومال، على أمل أن تهدأ الأمور بالسودان ليتمكن وقتها من استئناف دراسته وأحلامه.
استسلام وأمل
لا يتوفرلدى الطلاب الصوماليين في السودان خيارات عدة، حال لم تعاود الجامعات السودانية فتح أبوابها في القريب، فإمكانية استئناف الدراسة في بلادهم تبدو غير واقعية في ظل اختلاف المناهج في الجامعات المحلية، وكذلك اختلاف سنوات ولغة الدراسة في بعض التخصصات.
سمية علي طالبة في كلية الحاسوب بجامعة النيل الأزرق تقول للأناضول إن بقاءها في السودان أمر ضروري بالنسبة لها لحين عودة الأوضاع هناك إلى مسارها الصحيح، فاستكمال تخصصها في بلدها الأم ليس أمرا هينا، نظرا للتباين الشاسع بين الجامعات في كلا البلدين، على حد قولها.
وتوضح سمية “الجامعات في بلادنا لاتلبي احتياجاتنا تجاه بعض التخصصات، وهذا ينطبق على معظم الجامعات في الخارج ولايقتصر على الجامعات الصومالية فقط، وهو ما يعزز فكرة بقاءنا في السودان والاستسلام للواقع، حتى تتحسن الأوضاع وتفتح أبواب الجامعات من جديد”.
الحنين إلى الوطن كما تقول “سمية” يدب في قلوب الطلاب الصوماليين بالسودان، لكنهم يمنون أنفسهم بالعودة إلى ديارهم ذات يوم وقد حققوا مبتغاهم وحصلوا على شهاداتهم، ما يمكنهم وقتها من خدمة بلادهم والدفع بها للأمام.
مع ذلك وفي ظل حالة القلق التي تعتريهم، تشير الطالبة الصومالية إلى أن ثمة أمل بدأ يتسلل إلى نفوسهم بعد الاتفاق الذي توصلت إليه قوى الحرية والتغيير (الإطار الجامع للقوى المنظمة للاحتجاجات بالسودان)، والمجلس العسكري الانتقالي مؤخراً.
وفي 5 يوليو/ تموز الجاري، أعلن المجلس العسكري وقوى “التغيير”، التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تقود إلى انتخابات.
إلا أن التوصل إلى الاتفاق، لا يعني بحسب “سمية” استبعاد إمكانية حدوث مفاجئات سياسية قد تضرب آمال الطلاب الصوماليين في مقتل.
إلى الخرطوم
يلجأ جميع الطلاب الصوماليين الدارسين في مختلف الجامعات بالأقاليم السودانية إلى العاصمة الخرطوم، لمتابعة التطورات عن كثب، كما يقول للأناضول محمود عبدالله يوسف رئيس اتحاد الطلاب الصوماليين في السودان.
ويضيف محمود “جميع الطلاب توافدوا إلى العاصمة الخرطوم منذ بدء الاضطرابات في السودان، ليس خوفا على حياتهم بل ليكونوا أقرب للأحداث وتبادل المشورة فيما يخص مستقبلهم المهدد بالانقطاع”.
ويرى رئيس اتحاد الطلاب أن الأوضاع في السودان قد لا تستقر قريبا، ما يعني استمرار الانقطاع الدراسي، وهو ما يخشاه الكثير من الطلاب الصوماليين، الذين يستعدون لجميع الاحتمالات والبحث عن أي بدائل ممكنة، راجيا أن يعود السلام والاستقرار للسودان وأهله.
ويؤكد محمود أن الطلاب الصوماليين هم أكثر المتضررين حال استمرار الاضطرابات ، مقارنة بأقرانهم من الدول العربية والإفريقية الذين يدرسون بجامعات السودان.
ويمضى موضحا “ربما لدى الطلاب الآخرين خيارات أفضل في بلدانهم مقارنة بالصوماليين، أو على الأقل سيكون بإمكانهم الحصول على تسهيلات من وزارة التعليم في بلدانهم من أجل استكمال نفس التخصصات”.
أما محمد إسماعيل جبريل طالب ماجستير في كلية الهندسة بجامعة كرري الواقعة بمدينة أم درمان غربي الخرطوم، فيرى في حديثه للأناضول أن مشكلة توقف الدراسة في الجامعات أثرت سلبا على طموحات معظم الطلاب في السودان بمن فيهم الصوماليون، وسط توقعات بأن يتأخر الجميع عاماً كاملاً في الدراسة نتيجة إغلاق الجامعات.
مع ذلك بدا محمد متفائلاً وهو يقول إن الأوضاع لم تتطور لدرجة البحث عن بدائل، متمنياً أن يحمل الغد بشريات الخير للسودان.
وتقدر إحصائيات غير رسمية عدد الطلاب الصوماليين الذين تخرجوا من الجامعات السودانية بالآف منذ انهيار الحكومة المركزية في مقديشو عام 1991.
إلا أن رحلة الطلاب الصوماليين إلى المدارس والمعاهد والجامعات السودانية تمتد إلى نحو مائة عام، وكان من بين خريجي الجامعات السودانية العديد من الشخصيات التي تبوأت مناصب رفيعة في الصومال بينهم وزراء وسفراء ورؤساء جامعات.
نقلاً عن وكالة الأناضول
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.