الخرطوم: باج نيوز
تعمد نظام المخلوع عمر البشير منذ وصوله للسلطة في يونيو 1989 تكسير منصات المقاومة التي أنجزت ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985 فتوجهت جلّ ضربات عهده الظلامي إلى الجامعات، والنقابات العمالية، لكن المفاجأة السارة أن ثورة 19 ديسمبر المجيدة التي أطاحت بالبشير وزمرته نهضت على دعائم كيان نقابي بامتياز هو “تجمع المهنيين السودانيين”.
وقاد التجمع تصعيد العمل الجماهيري ضد نظام البشير، وصولاً إلى اعتصام ملايين السودانيين أمام مقر قيادة الجيش الرئيسة بالعاصمة الخرطوم، ما قاد لاحقاً إلى انحياز الجيش لخيار الإطاحة بنظام البشير، وبعده بيومٍ بخلفه عوض بن عوف الذي رأي الثوار إنه امتداد لذات حقبة المخلوع.
وانتزع حزب المؤتمر الوطني في تخلقاته العديدة، نقابات عمال السودان عبر اتحادات ذات طابع سياسي، يقودها منسوبوه، وأصحاب المصالح من (البراغماتيين) أو حتى المؤلفة قلوبهم من عناصر حزبية مشاركة في الحكومة.
ومنذ نجاح الحراك الثوري في السودان، شرع أصحاب الحقوق من العاملين في مختلف القطاعات في العمل على استعادة النقابات المعبرة عنهم.
ولبى عشرات الصحفيين دعوة من “شبكة الصحفيين السودانيين” للمشاركة في موكب لتحرير وكالة السودان للأنباء “سونا” من عناصر البشير، وقبل انطلاقتهم نحو اعتصام القيادة طالبوا باستعادة نقابتهم، واستلام دار الاتحاد.
وغير بعيد من خطى الصحفيين سير المهندسون موكباً يوم أمس (الجمعة) لاستعادة نقابتهم انطلاقاً من دار المهندس بحي العمارات.
وفي عدة ولايات سودانية، انطلق معلمون ومحامون ومهندسون في مواكب جميعها تؤيد ثورة 19 ديسمبر، وتنادي باستعادة المنصات العمالية.
يقول المحلل السياسي، محمد نورين، إن الإنقاذ كانت تعي جيداً أن النقابات تقود تحركاتٍ كالعصيان المدني، والإضرابات العمالية، والمدافعة عن حقوق العاملين بل وجميع السودانيين، وهو ما قاد إلى عمليات إحالات كبيرة للصالح العام، وإتباع نهج التمكين عبر شغل المناصب القيادية بعناصر موالية، وبالتالي ترفيعهم إلى المناصب العليا في النقابات.
ونوه نورين في حديثه مع (باج نيوز) إلى أن اتحاد عمال السودان في عهد الإنقاذ تحول إلى ذراع سياسي للسلطة، واستدل على ذلك بمحاولاته الكثيرة للتقليل من كيانات كتجمع المهنيين السودانيين، ومحاولاته حشد أنصاره بادعاء الشرعية.
بدوره، ذهب عضو سكرتاريا شبكة الصحفيين السودانيين، علي الدالي، إلى المسارعة في تصحيح الأوضاع في الوسط الصحفي، عبر حل الاتحاد الحالي، وتكوين لجنة محايدة تمهد لوضع انتقالي، تتلوه انتخابات حرة ونزيهة.
وانتقد الدالي اتحاد الصحفيين السودانيين، واتهمه بأنه مخلب قط للنظام البائد، وأبان عن بعض ممارسات الاتحاد السابقة كتمريره قوانيناً مقيدة للحريات، وقضه الطرف عن تجاوزت الأجهزة الأمنية ومسؤولي المؤتمر الوطني إزاء الصحافيين، وصمته إزاء عمليات الرقابة والمصادرات بعد الطباعة، والاعتقالات، ووقف الصحفيين عن الكتابة بأوامر شفاهية، بجانب توزيع الإعلان على الصحف بناء على تصنيفاتٍ سياسية.
وقال الدالي لــ(باج نيوز) إن من أولى المهام التي تنتظر النقابة الجديدة هي ضمانة الحريات الصحفية، وتحسين أوضاع الصحف، وإلغاء قانون المنشأة، مع تنقية السجل الصحفي، وحصره على الصحفيين الممارسين للمهنة، وإعادة الامتيازات التي نالها أشخاصاً لا علاقة لهم بالوسط الصحفي.
ولكن السؤال المهم عن كيف استطاعت نقابات عمالية كشبكة الصحفيين السودانيين، ولجنة الأطباء المركزية وهما مكونان رئيسان لتجمع المهنيين السودانيين، النجاة من حبل المقصلة الذي أعدته الإنقاذ للنقابات العملية.
يقول نورين إن التردي المهني في كافة القطاعات، ووضع مدراء بقدراتٍ وشهادات ضعيفة على رأس مؤسسات ينضوي تحت لوائها بروفيسورات، بجانب انتشار الفساد والمحسوبية، أمور قادت إلى حالة تذمر وسط القطاعات المهنية، ثم ما لبثت هذه الحالة الجمعية أن انتظمت في شكل كيانات كانت تهدف إلى ترقية المهن، ثم حين انسد الأفق بات الحل في إحداث تغيير سياسي لأجل أن ينصلح العملي.
وبشأن وضعية الصحفيين المؤسسات الإعلامية ذات الصلات بالنظام السابق، ينادي الدالي بهيكلة مؤسسات كوكالة السودان الرسمية للأنباء سونا، وإعادة النظر في تولية عناصر حزبية صارخة لصحفٍ تدعي الاستقلالية، مشيراً إلى أن الفيصل ينبغي أن يكوين هو ممارسة المهنة بطريقة صارمة مع الالتزام بلوائح الشرف الصحفي،
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.