الخرطوم: باج نيوز
عادت قضية مثلث حلايب المتنازع عليه بين السودان ومصر إلى الواجهة مرة أخرى، بعد أن تحدثت تقارير إعلامية الأسبوع الماضي، بطرح شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول (حكومية)، أول مزايدة عالمية للبحث والتنقيب عن النفط والغاز، في 10 قطاعات بالبحر الأحمر، بينها ما يقع ضمن حدود حلايب.
وفي يوليو الماضي، أجرى الرئيس البشير، ونظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، بالخرطوم مباحثات مشتركة على ضرورة التشاور والتنسيق المستمر، حول منطقة البحر الأحمر.
وطبقا لوزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد، آنذاك فإن اتفاقاً تم بين الجانبين بألا يكون النزاع الحدودي حول مثلث حلايب، سبباً في توتر العلاقات بين البلدين.
نزاع مستمر
وتتنازع الجارتان، منذ عشرات السنين، حول السيادة على مثلث “حلايب – شلاتين – أبو رماد”؛ إذ يرى كل طرف أن المنطقة تعد جزءا من أراضيه.
حسناً، السودان، حذَّر شركات الطاقة الإقليمية والدولية من العمل في 4 قطاعات طرحتها مصر للتنقيب عن النفط والغاز والمعادن في منطقة حلايب المتنازع عليها.
وقال رئيس المفوضية القومية للحدود بالسودان (حكومية)، معاذ أحمد تنقو، أمس الأربعاء، إن المفوضية تأكدت بعد مراجعة خطوط الطول والعرض من أن الخارطة (المصرية) المرفقة للتنقيب تغولت على جزء من إقليم السودان، الواقع تحت سيادته في مثلث حلايب، والمياه الإقليمية والمناطق البحرية والجرف القاري.
وشدَّد أحمد، بحسب ما أوردت وكالة أنباء السودان الرسمية، على أن السودان يحذر شركات الطاقة والتعدين الدولية والإقليمية من التقدم بأي عطاءات في المربعات 7 و8 و9 و10، ومن أي محاولة للاستثمار فيها أو استغلالها أو الاستثمار في الإقليم البري الذي يقابلها يعرض هذه الشركات إلى المساءلة القانونية.
أما بالنسبة إلى وزير الدولة بوزارة النفط والغاز، سعد الدين بشرى، فإن طرح شركة جنوب الوادي المصرية (حكومية) 4 مربعات عبر موقعها الرسمي، بجانب مساحات أخرى، تقع داخل الأراضي السودانية بمنطقة حلايب، يعد تدخلاً مباشراً في صلاحيات وزارة النفط والغاز السودانية.
وذكر بشرى، في تعميم صحفي، أن امتياز منطقة حلايب يقع تحت دائرة صلاحيات وزارة النفط والغاز السودانية، وفق الخرائط المعتمدة من قبل الهيئة العامة للمساحة السودانية ووزارة الدفاع.
ودعا الشركات والمكاتب الاستشارية ومكاتب الدراسات إلى وقف أية أعمال في المنطقة؛ باعتباره عملا غير قانوني”.
واستدرك: “لا نمانع أي عمل مشترك للتنقيب عن الغاز والنفط في منطقة البحر الأحمر، على أن يكون وفق اتفاقيات مشتركة وموقعة بين البلدين”.
ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عبد الله الفاضل، أن التوتر بين البلدين غير مطلوب، ولا بد من التعامل بالحكمة والنفس الهادئ استنادا على الإرث التاريخي المشترك.
وشدَّد الفاضل في حديثه لــ(باج نيوز)، على أن مصر والسودان لا يستطيعان الابتعاد عن بعضهما البعض رغم الخلافات المتكررة، وعليهما التركيز على حل خلافاتهما الحدودية وفقا للقانون.
جذور تاريخية
حرص الرئيس عمر البشير، في أكتوبر الماضي، على التذكير بأن بلاده لديها من الوثائق ما يثبت سودانية منطقة حلايب تاريخياً، وأنه مطمئن لكافة مواقف في البلاد في هذه القضية.
البشير الذي كان يتحدث، لوفد من قيادات قبائل البشاريين التي تقطن المنطقة، بمقر إقامته بالخرطوم، شدَّد على أن قضية حلايب، ظلت وستظل حاضرة في كافة لقاءاته مع القيادة السياسية المصرية.
بالنسبة إلى المواطن، أزهري زين العابدين، فإن التوتر في العلاقات بين مصر والسودان ليس من مصلحتهما، ولا بد من انتهاج الحوار لإزالة الخلافات.
وقال زين العابدين، لــ(باج نيوز)، إن الحوار وخط التهدئة واجب وضروري، وأي خطوات تصعيدية ستضر بعلاقات البلدين.
تحكيم دولي
دائماً ما تدعو الخرطوم الجانب المصري إلى تبني أحد الخيارين الذين يطرحهما الجانب السوداني لحل هذه الأزمة وهما التفاوض أو التحكيم الدولي، لكن القاهرة ظلت ترفض باستمرار التحكيم الدولي بشأن القضية.
ومن آنٍ لآخر، تشهد العلاقات بين السودان ومصر تباينات في وجهات النظر على خلفية عدة قضايا، منها النزاع على مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد الحدودي، والموقف من سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل الأزرق.
استطلاع للرأي
وفي مايو الماضي استنكرت القاهرة وأدانت بشدة؛ استطلاعا للرأي أجرته قناة “RT” الروسية على موقعها الإلكتروني، حول تبعية مثلث حلايب، بينما راقبت الخرطوم في صمت، دون أن تعلق أو تقول شيئاً عن الاستطلاع حول الملف الذي ظل عقبة كأداء بين البلدين طيلة السنوات الماضية.
لكن القناة تأسفت لاحقاً، لما سببه الاستطلاع من استياء لدى الجانب المصري، فأوضحت توضح أن الغرض من الاستطلاع لم يكن الإساءة إلى مصر، ولا التشكيك في وحدة أراضيها، بقدر ما هو شكل إعلامي معمول به في تناول قضايا وملفات الساعة.
شكوى رسمية
وفي مارس الماضي، خصصت الهيئة الوطنية للانتخابات المصرية، لأول مرة لجنة عامة بمدينة حلايب، بعد أن كانت بالانتخابات السابقة تتبع للجنة شلاتين.
لكن وزير الخارجية السابق، إبراهيم غندور، كشف لنواب البرلمان، في أبريل الماضي، عن شكوى تم تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي، بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة.
ورغم نزاع الجارتين على هذا المثلث الحدودي منذ استقلال السودان عام 1956، لكنه كان مفتوحا أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى عام 1995، حين دخله الجيش المصري وأحكم سيطرته عليه.
لمحة تاريخية
تقع منطقة حلايب وشلاتين على الحدود الرسمية بين مصر والسودان، وتبلغ مساحتها 20 ألف كيلو متر مربع على ساحل البحر الأحمر، وحلايب تقطنها قبائل تمتد بجذورها التاريخية بين الجانبين كما تتنقل هذه القبائل بسهولة عبر الحدود، لأن وجودها كان سابقا على رسم الحدود، وبها نقطة وطريق يربط بينها وبين السويس عبر بئر شلاتين وأبو رماد وتتصل حلايب ببورتسودان بطريق بري غير مسفلت وتبلغ المسافة من “السويس – حلايب – بورتسودان” حوالي 10485 كلم تقريباً.
وتعد مدينة حلايب البوابة الجنوبية لمصر على ساحل البحر الأحمر وتظل الوظيفة الرائدة لها تقديم الخدمات الجمركية للعابرين إلى الحدود السودانية بالإضافة إلى الأنشطة التجارية المصاحبة لذلك.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.