باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

د. مزمل أبو القاسم: إصلاح الدولة.. البداية بالنفط

1٬855

* ذكرنا من قبل أن تنفيذ برنامج إصلاح الدولة يبدأ بإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي، بغرض التخلص من كل المؤسسات والصناديق والهيئات الحكومية، التي تمددت مثل الورم السرطاني في جسد الدولة، لتنتج عشرات الكيانات الموازية لوزاراتٍ اتحاديةٍ وولائيةٍ، بتضاربٍ مُخلٍ في المهام والصلاحيات، وحتى الميزانيات.
* عندما تم إعلان ذلك البرنامج على أيام حكومة الفريق أول بكري حسن صالح، دعونا إلى استخدام (الكيماوي) لمحاصرة تلك الأورام غير الحميدة، وتقليص الكيانات غير المفيدة، التي تستنزف ميزانية الدولة في ما لا يجدي ولا يفيد.
* أوردنا وقتها قائمة طويلة بأسماء مؤسساتٍ حُكوميةٍ، تتقاطع في مهامها واختصاصاتها مع الوزارات ذات الصلة، وطالبنا بضمها إليها، منعاً للتضارب، وتوحيداً للجهود، وترشيداً للإنفاق.
* على سبيل المثال، بوجود وزارة اتحادية للتعليم العالي والبحث العلمي، تمدد نطاق عمل الصندوق القومي لرعاية الطلاب، وتعددت أنشطته، وتطاول بناؤه، بتشييد مئات الداخليات، والتوسُّع في بناء المزيد منها، في كل ولايات السودان، ومعظم مدنه، ليشكِّل بها الصندوق إمبراطوريةً ضخمةً، يتم استقطاع دعم شهري لها من مرتبات كل موظفي الدولة، بمعزل عن أي إشرافٍ أو تنسيقٍ مع الوزارة ذات الصلة.
* لو تم توظيف تلك الميزانية الضخمة، والأموال الطائلة في تشييد المزيد من الكليات والقاعات والمعامل والمختبرات البحثية والعلمية، بغرض دعم الجامعات المنشأة أصلاً، وتطوير عملها، وتحسين أدائها، لتفهمنا مسوغات بقاء الصندوق، ولقبلنا تمدد أنشطته، لكن استمراره في إنشاء المزيد من (البيوت)، بوجود وزارة اتحادية ضعيفة الموارد، قليلة الحيلة، كان وما يزال أمراً مثيراً للحيرة والاستغراب.
* لم يكن مقبولاً ولا معقولاً أن تتفوق ميزانية الصندوق على ميزانية وزارة التعليم العالي، التي لا تقدم شيئاً ذا بال لمسيرة البحث العلمي، ولا تدعم الجامعات الموجودة أصلاً، بسبب ضعف موازنتها وشُح إمكاناتها، قياساً بموازنة وإمكانات صندوقٍ مُتخم، يفترض أنه يتبع لها، ويأتمر بأمرها.
* ضربنا المثل بصندوق الطلاب، مع أن قائمة الصناديق المماثلة، والهيئات الموازية، والمؤسسات المتفرعة من وزارات مختصة تطول، ليصُعب حصرها، ويستحيل حساب ما تنفقه من أموال طائلة، تضيع في (الفارغة والمقدودة).
* الحديث نفسه ينطبق على عشرات المجالس الحكومية، التي تعمل بمعزل عن أي تنسيق أو حتى متابعة من الوزارات التي تدير النشاط ذاته، وتعمل في المجال نفسه.
* أمس بدأت مسيرة معالجة هذا الوضع المختل، بقرارٍ صارمٍ وناجع، أصدره رئيس مجلس الوزراء القومي، د. محمد طاهر أيلا، وقضى بحل المؤسسة السودانية للنفط، وتحويل كل أصولها وممتلكاتها إلى وزارة النفط والغاز.
* يحيلنا القرار بدءاً إلى تساؤلٍ مشروعٍ، عن الأسباب التي استدعت تكوين تلك المؤسسة في الأساس، بوجود وزارة للنفط، تُعنى بإدارة ذات النشاط الموكل للمؤسسة، الزائدة عن الحاجة.
* ماذا تفعل مؤسسة النفط، بوجود وزارة النفط، والعكس صحيح؟
* مطلوب من حكومة أيلا أن تحصر كل المؤسسات والهيئات والصناديق المماثلة، كي تعيدها إلى حاضنتها الطبيعية، ويتم تنسيبها إلى الوزارات المعنية بالنشاط، بذات النهج الذي اتبع في حل المؤسسة السودانية للنفط.
* نتمنى أن تشمل المراجعة قانون الخدمة المدنية نفسه، بتوحيد الهيكل الإداري والراتبي لكل موظفي الدولة، وإلغاء العقود الخاصة في المؤسسات العامة، سعياً إلى القضاء على الترهل الذي أصاب جسد الدولة، وأنهك موازنتها، وأصابها بسمنةٍ تعوق الحركة، وتقيد النشاط، وتهدر المال العام، في ما لا يعود على البلاد والعباد بأي فائدة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: